• قال القرطبي: ومعنى الآية: أتستبدلون البَقْل والقِثّاء والفُومَ والعَدَس والبَصل الذي هو أدنى بالمنّ والسَّلْوَى الذي هو خير.
• قال ابن عاشور: وفي الاستبدال للخير بالأدنى النداء بنهاية حماقتهم وسوء اختيارهم.
• إنما فضل المن والسلوى على هذه البقول من وجوه:
أولاً: أن البقول لما كانت لا خطر لها بالنسبة إلى المنّ والسلوى كانا أفضل؛ قاله الزجاج.
الثاني: لمّا كان المنّ والسلوى طعاماً منّ الله به عليهم وأمرهم بأكله وكان في استدامة أمر الله وشكر نعمته أجر وذُخْرٌ في الآخرة، والذي طلبوه عارٍ من هذه الخصائل، كان أدنى في هذا الوجه.
الثالث: لمّا كان ما منّ الله به عليهم أطيب وألذّ من الذي سألوه، كان ما سألوه أدنى من هذا الوجه لا محالة.
الرابع: لمّا كان ما أُعْطُوا لا كُلْفةَ فيه ولا تعب، والذي طلبوه لا يجيء إلا بالحرث والزراعة والتعب، كان أدنى.
الخامس: لمّا كان ما ينزل عليهم لا مِرْيةَ في حِلّه وخُلوصه لنزوله من عند الله، والحبوب والأرض يتخلّلها البيوع والغصوب وتدخلها الشُّبه، كانت أدنى من هذا الوجه. [تفسير القرطبي].
(اهْبِطُوا مِصْراً فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ) أي مصراً من الأمصار، كما قال ابن عباس، ويحتمل أن يكون المراد مصر فرعون.
قال ابن كثير: والحق أن المراد: مصر من الأمصار كما روي عن ابن عباس وغيره، والمعنى على ذلك لأن موسى عليه السلام يقول لهم: هذا الذي سألتم ليس بأمر عزيز بل هو كثير في أي بلد دخلتموها وجدتموه، فليس يساوي مع دناءته وكثرته في الأمصار أن أسأل الله فيه، ولهذا قال (أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير اهبطوا مصراً فإن لكم ما سألتم) أي ما طلبتم، ولما كان سؤالهم هذا من باب البطر والأشر ولا ضرورة فيه لم يجابوا إليه.
ظاهر هذا أن موسى لم يسأل الله لهم، لأن هذه التي طلبوها متوفرة موجودة في كل مكان.
(وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ) أي وضعت عليهم وأُلْزِموا بها شرعاً وقدراً أي: لا يزالون مستذلين، من وَجدهم استذلهم وأهانهم وضرب عليهم الصغار، وهم مع ذلك في أنفسهم أذلاء متمسكنون.