للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن أدب الإنسان الذي أدب الله به عباده، أن يكون الإنسان نزيها في أقواله وأفعاله، غير فاحش ولا بذيء، ولا شاتم، ولا مخاصم، بل يكون حسن الخلق، واسع الحلم، مجاملا لكل أحد، صبورا على ما يناله من أذى الخلق، امتثالا لأمر الله، ورجاء لثوابه.

قال الحسن البصري فالحُسْن من القول: يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ويحلم، ويعفو، ويصفح، ويقول للناس حسناً كما قال الله، وهو كل خُلُق حسن رضيه الله.

• وفي هذا حض على مكارم الأخلاق، فينبغي للإنسان أن يكون قوله للناس ليناً ووجهه منبسطاً طلقاً، لأن الله يقول لموسى وهارون (فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى).

وقال تعالى (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ).

وقال تعالى (وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ).

• قال ابن كثير: وناسب أن يأمرهم بأن يقولوا للناس حسناً بعد ما أمرهم بالإحسان إليهم بالفعل، فجمع بين طرفي الإحسان الفعلي والقولي.

(وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ) تقدم عند آية [٤٣].

(وَآتُوا الزَّكَاةَ) تقدم عند آية [٤٣].

• قال السعدي: ثم أمرهم بإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، لما تقدم أن الصلاة متضمنة للإخلاص للمعبود، والزكاة متضمنة للإحسان إلى العبيد.

(ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ) الخطاب لمعاصري محمد -صلى الله عليه وسلم-، وأسند إليهم تولي أسلافهم إذ كلهم بتلك السبل في إعراضهم عن الحق مثلهم.

(إِلَّا قَلِيلاً مِنْكُمْ) كعبد الله بن سلام وأصحابه.

• قال أبو حيان: والمعنيُّ بالقليل القليل في عدد الأشخاص، فقيل: هذا القليل هو عبد الله بن سلام وأصحابه، وقيل: من آمن قديماً من أسلافهم، وحديثاً كعبد الله بن سلام وغيره.

قال ابن عطية: ويحتمل أن تكون القلة في الإيمان، أي لم يبق حين عصوا وكفر آخرهم بمحمد -صلى الله عليه وسلم- إلا إيمان قليل، إذ لا ينفعهم، والأول أقوى، وضعفه أبو حيان.

(وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ) عن الميثاق الذي أخذ عليكم.

• فسر بعض العلماء التولي بالإعراض، ومن ثَمّ قال: الفائدة من ذلك التكرار التأكيد كما قال تعالى (ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ) ومن من العلماء من قال: إن التولي يكون بالجسم، والإعراض يكون بالقلب، ومنهم من قال (ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ) خطاب لهم والمراد أسلافهم من آبائهم وأجدادهم الذين تولوا، وقوله (وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ) انتقل الخطاب إلى المعاصرين للنبي -صلى الله عليه وسلم- من اليهود، والمعنى على ذلك: ثم تولى آباؤكم، وأنتم كذلك معرضون.

<<  <  ج: ص:  >  >>