للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي الآية دليل أن من ادعى أنه مؤمن، ينبغي أن تكون أفعاله مصدقة لقوله، لأنهم كانوا يدعون أنهم مؤمنون بما معهم.

(وَلَقَدْ جَاءَكُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ) أي: بالآيات الواضحات، والدلائل القاطعات على أنه رسول الله، وأنه لا إله إلا الله.

والبينات هي الموضحة في قوله تعالى (فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُفَصَّلاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْماً مُجْرِمِينَ) والعصا واليد، وفلق البحر، وتظليلهم الغمام، والمنّ والسلوى وغير ذلك من الآيات التي شاهدوها.

(ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ) معبوداً من دون الله في زمان موسى.

(مِنْ بَعْدِهِ) قيل: من بعد موسى، وذلك أنهم عبدوا العجل بعد أن فارقهم موسى ماضياً إلى ميقات ربه، وقيل: من بعده، أي من بعد مجيء موسى عليه السلام إليكم بالبينات، والأول أقوى.

(وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ) لأنفسكم، لأنكم أشركتم بالله تعالى، لأن الشرك أعظم الظلم، لأن أصل الظلم وضع الشيء في غير موضعه، والمشرك ظالم، لأنه وضع العبادة التي هي حق لله تعالى وحده، وضعها في المخلوق الضعيف الفقير أو وضعها لصنم أو حجر أو شجر، ولأجل هذا البيان فإن القرآن يكثر الله فيه إطلاق الظلم على الشرك، كما قال تعالى عن العبد الصالح (إن الشرك لظلم عظيم)، وثبت في صحيح البخاري أن النبي -صلى الله عليه وسلم- فسر قوله (الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم) قال: بشرك، ثم تلا قول لقمان (إن الشرك لظلم عظيم)، وقال تعالى (ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك فإن فعلت فإنك إذاً من الظالمين) أي: من المشركين.

<<  <  ج: ص:  >  >>