للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَعَصَيْنَا) بأفعالنا، والعصيان مخالفة الأمر، إن كان أمراً فبتركه، وإن كان نهياً فبارتكابه، وقولهم هذا: غاية ما يكون من المحادة لله عز وجل ورسله.

(وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ) أي: حب العجل، حتى خلص ذلك إلى قلوبهم، وهذا تشبيه ومجاز عبارة عن تمكن العجل في قلوبهم.

- قال القرطبي: وإنما عبر عن حب العجل بالشرب دون الأكل، لأن شرب الماء يتغلغل في الأعضاء حتى يصل إلى باطنها، والطعام مجاور لها غير متغلغل فيها.

- وقال ابن عطية: قوله تعالى (وأشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم) التقدير حب العجل، والمعنى جعلت قلوبهم تشربه، وهذا تشبيه ومجاز، عبارة عن تمكن أمر العجل في قلوبهم.

- وقال ابن عاشور: وإنما جعل حبهم العجل إشراباً لهم للإشارة إلى أنه بلغ حبهم العجل مبلغ الأمر الذي لا اختيار لهم فيه كأن غيرهم أشربهم إياه كقولهم أُولِع بكذا وشُغِف.

فائدة: قِيلَ لِسُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ: مَا بَالُ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ لَهُمْ مَحَبَّةٌ شَدِيدَةٌ لِأَهْوَائِهِمْ؟، فَقَالَ: أَنَسِيتَ قَوْله تَعَالَى: (وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمْ الْعِجْلَ بِكُفْرِهم).

(بِكُفْرِهِمْ) أي: بسبب كفرهم.

(قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ) أي: قل لهم على سبيل التهكم بهم، بئس هذا الإيمان الذي يأمركم بعبادة العجل.

(إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) أي: إن كنتم تزعمون الإيمان فبئس هذا العمل والصنيع، والمعنى: لستم بمؤمنين، لأن الإيمان لا يأمر بعبادة العجل.

<<  <  ج: ص:  >  >>