• فإن كان النسخ إلى أثقل، كما في نسخ التخيير بين الصيام والإطعام بإيجاب الصيام، فالخيرية فيه بمضاعفة الأجر والثواب، لأن الأجر على قدر المشقة.
وإن كان النسخ إلى أخف، كما في نسخ مصابرة الواحد للعشرة في القتال، بمصابرته الاثنين فقط، وكما في نسخ وجوب قيام الليل إلى الندب، فالخيرية في هذا بالتخفيف على الأمة مع تمام الأجر.
وإن كان النسخ إلى مساوٍ ومماثل، كما نسخ التوجه إلى بيت المقدس بالتوجه إلى الكعبة، فالخيرية في هذا الاستسلام لأمر الله وتمام الانقياد له.
(أَوْ مِثْلِهَا) في الخيرية، من حيث العمل والأجر وغير ذلك، أو مثلها في العمل، وإن كان خير منها في العاقبة والأجر.
• اختلف العلماء هل يكون النسخ إلى غير بدل أم لابد من بدل؟
ذهب جمهور العلماء إلى أن النسخ يكون إلى غير بدل، ومثلوه بنسخ وجوب تقديم الصدقة بين يدي نجوى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في قوله تعالى:(أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ … ).
وقد رد هذا القول الشنقيطي رحمه الله في أضواء البيان ٣/ ٣٦٢، وفي مذكرته على الروضة ص ٧٩ وبين أن القول بالنسخ إلى غير بدل غير صحيح وإن قال به جمهور العلماء، لأنه مخالف لقوله تعالى (مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا) ثم أورد أمثلة الجمهور وأجاب عنها:
وأجاب الجمهور عن هذه الآية: أن النسخ إلى غير بدل لا يعارض الآية، لأن الله تعالى عليم حكيم، فقد يكون عدم الحكم خيراً من ذلك الحكم المنسوخ في نفعه للناس.
(أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) أي: ألم تعلم أيها المخاطب، أن الله عليم حكيم قدير، لا يصدر منه إلا كل خير وإحسان للعباد.