للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا عمر قرأ سورة الطور حتى بلغ (إن عذاب ربك لواقع) بكى واشتد بكاؤه حتى مرض وعادوه.

وكان في وجهه خطان أسودان من البكاء.

وهذا عثمان كان إذا وقف على القبر يبكي حتى تبتل لحيته.

وهذا علي اشتد بكاؤه وخوفه من اثنتين: طول الأمل واتباع الهوى.

وكان عبد الله بن عباس أسفل عينيه مثل الشّراك البالي من الدموع.

وكان أبو ذر يقول: يا ليتني كنت شجرة تعضد وددت أني لم أخلق.

وقال ابن أبي مليْكة: أدركت ثلاثين من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- كلهم خاف على نفسه النفاق ما منهم أحد يقول: إنه على إيمان جبريل وميكائيل.

وقال الحسن: ما خافه إلا مؤمن ولا أمنه إلا منافق.

وقال إبراهيم التيمي: ما عرضت قولي على عملي إلا خشيت أن أكون مكذباً.

وأما أهل الفساد والريب فكما قال الله (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الْأَدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا).

• من أسباب قبول العمل:

منها: الرجاء وكثرة والدعاء.

كما هنا (ربنا تقبل منا).

ومنها: الخوف من عدم قبول العمل.

كما قال تعالى في وصف الأبرار أنهم يعملون ويخافون (وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ).

عن علي أنه قال: كونوا لقبول العمل أشد اهتماماً منكم بالعمل. ألم تسمعوا الله عز وجل يقول: (إنما يتقبل الله من المتقين).

(إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) هذه الجملة تعليل لطلب القبول، يعني نسألك أن تقبل، لأنك أنت السميع لأقوالنا، العليم بأحوالنا ونياتنا لا تخفى عليك خافية.

• والسميع: اسم من أسماء الله تعالى، متضمن لصفة السمع لله تعالى، فهو سبحانه يسمع جميع الأقوال والأصوات، السر والجهر عنده سواء.

كما قال تعالى (سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ).

وقال تعالى (وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى).

وقال تعالى (وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ).

وقال تعالى (إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ مِنَ الْقَوْلِ وَيَعْلَمُ مَا تَكْتُمُونَ).

<<  <  ج: ص:  >  >>