• قال ابن كثير: وقد وافقت هذه الدعوة المستجابة قدر الله السابق في تعيين محمد -صلى الله عليه وسلم- رسولاً في الأميين إليهم وإلى سائر الأعجمين من الإنس والجن كما قال تعالى (لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ).
ولذلك قال -صلى الله عليه وسلم- (سأنبئكم عني: أنا دعوة أبي إبراهيم، وبشارة عيسى بي) رواه أحمد.
(يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ) التلاوة هنا تشمل التلاوة لفظاً، والتلاوة معنى، والتلاوة حكماً.
فالتلاوة لفظاً: أن يقرأ الكتاب بينهم.
والتلاوة معنى: أن يعلمهم معانيه.
والتلاوة حكماً: أن يعمل بأحكامه.
كما قال تعالى (وأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ).
وقالت عائشة (كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، يتأول القرآن) يعني يعمل به.
• والمراد بالآيات هنا الآيات الشرعية وهي القرآن.
(ويعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ) وهو القرآن، وليس هذا تكرار مع قوله (يتلو عليهم آياته) لأن الأول تلاوة والثاني تعليم، والتعليم أخص من التلاوة، والتعليم هنا شامل لتعليم اللفظ وتعليم المعنى وتعليم الحكم.
وذهب بعضهم إلى أن معنى (ويعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ) هو الكتابة، ويدل عليه أن الله ذكر القرآن قبله، فلو قلنا إن المراد بالكتاب هو القرآن لصار تكراراً.