للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنهم يعرفون دينهم ويذكرونه، إنهم يتسلمون التراث ويصونونه. [في ظلال القرآن: ١/ ٩٠].

(قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ) أي: لا نعبد إلا إلهاً واحداً هو اله رب العالمين.

• قال الطبري: تأويل الكلام: أكنتم يا معشر اليهود والنصارى المكذبين بمحمد -صلى الله عليه وسلم- الجاحدين نبوته حضور يعقوب وشهوده إذ حضره الموت: أي: أنكم لم تحضروا ذلك، فلا تدّعوا على أنبيائي ورسلي الأباطيل وتنحلوهم اليهودية والنصرانية، فإني ابتعثت خليلي إبراهيم وولده إسحاق وإسماعيل وذريتهم بالحنيفية المسلمة، وبذلك وصّوا بنيهم، وبه عهدوا إلى أولادهم من بعدهم، فلو حضرتموهم فسمعتم منهم علمتم أنهم على غير ما نحلتموهم من الأديان والملل من بعدهم.

• وقال ابن عطية: هذا الخطاب لليهود والنصارى الذين انتحلوا الأنبياء صلوات الله عليهم ونسبوهم إلى اليهودية والنصرانية فرد الله عليهم وكذّبهم وأعلمهم أنهم كانوا على الحنيفية والإسلام.

• قوله (وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ) هذا من باب التغليب، لأن إسماعيل عمه، قال النحاس: والعرب تسمي العم أباً، وقيل: إن العم يقال له: أب.

(إِلَهاً وَاحِداً) نوحده بالألوهية ولا نشرك به شيئاً.

(وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) أي: مطيعون خاضعون كما قال تعالى (وله أسلم من في السموات والأرض طوعاً وكرهاً وإليه يرجعون) والإسلام هو ملة الأنبياء قاطبة وإن تنوعت شرائعهم واختلفت مناهجهم كما قال تعالى (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ).

كما قال تعالى (مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيّاً وَلا نَصْرَانِيّاً وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفاً مُسْلِماً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ).

وقال تعالى (تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ).

وقال تعالى (هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ).

(تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ) أي: مضت، يعني إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب ولهذا جاء في الحديث (من بطأ به عمله لم يسرع به نسبه) رواه مسلم. وقال تعالى (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى) وقال تعالى (وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا).

• الأمة في القرآن تطلق على معان:

منها: الجماعة من الناس.

كما في قوله تعالى (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ). وقوله تعالى (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ).

ومنها: الإمام في الدين المقتدى به.

كما في قوله تعالى (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً).

<<  <  ج: ص:  >  >>