• قال السعدي: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ) أي: ما ينبغي له ولا يليق به تعالى، بل هي من الممتنعات عليه، فأخبر أنه ممتنع عليه، ومستحيل، أن يضيع إيمانكم، وفي هذا بشارة عظيمة لمن مَنَّ الله عليهم بالإسلام والإيمان، بأن الله سيحفظ عليهم إيمانهم، فلا يضيعه … ، وفي هذه الآية، دليل لمذهب أهل السنة والجماعة، أن الإيمان تدخل فيه أعمال الجوارح.
(إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ) قال الطبري: إن الله بجميع عباده ذو رأفة، والرأفة أعلى معاني الرحمة.
وقال الخطابي: الرؤوف هو الرحيم العاطف برأفته على عباده.
وقال بعضهم: الرأفة أبلغ الرحمة وأرقها.
• ومن رأفته سبحانه وتعالى: أنه لا يضيع لعباده طاعة أطاعوه بها فلا يثيبهم عليها، فمن مات قبل تحويل القبلة لهم ثوابهم وأجرهم.
ومن رأفته سبحانه وتعالى بنا: أنه خوفنا من عقوبته وعذابه، ونهانا عن معصيته، قبل أن يلقاه العبد يوم القيامة ليستعد للقائه، ويتجنب سخطه وغضبه ((يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ).
ومن رأفته: أنه أرسل رسله وأنزل كتبه التي تبين شرعه، لينقذ الناس من ظلمات الشرك والجاهلية إلى نور التوحيد والهداية (هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَؤُوفٌ رَحِيمٌ).
ومن رأفته: أنه يقبل توبة التائبين، ولا يُرد عن بابه العاصين المنيبين، مهما كثرت سيئاتهم، وتعاظمت خطيئاتهم (ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ).
ومن رأفته: تسخيره لما في السماوات وما في الأرض لمصلحة الإنسان ومنفعته، وخلقه الأنعام ليركب على ظهرها فتحمله المسافات الشاسعة، هو ومتاعه وزاده (وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُوفٌ رَحِيمٌ).
(رَحِيمٌ) الرحيم اسم من أسماء الله، فيجب إثبات ذلك، وهو متضمن لصفة الرحمة الواسعة كما قال تعالى (فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ رَبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ).
وقال تعالى (وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ) وقال تعالى (ورحمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ). (وقد تقدمت مباحث الرحمة).