قال عليه الرحمة: للمصائب والبلايا والمحن والرزايا فوائد تختلف باختلاف رتب الناس:
أحدها: معرفة عز الربوبية وقهرها.
والثانية: معرفة ذلة العبودية وكسرها، وإليه الإشارة بقوله تعالى الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ)، اعترفوا بأنهم ملكه وعبيده، وأنهم راجعون إلى حكمه وتدبيره وقضائه وتقديره لا مفر لهم منه ولا محيد لهم عنه.
والثالثة: الإخلاص لله تعالى؛ إذ لا مرجع في رفع الشدائد إلا إليه، ولا معتمد في كشفها إلا عليه (وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ) (فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ).
الرابعة: الإنابة إلى الله تعالى والإقبال عليه (وَإِذَا مَسَّ الْإِنسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيباً إِلَيْهِ).
الخامسة: التضرع والدعاء (وَإِذَا مَسَّ الإِنسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا) (وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ) (بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ وَتَنْسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ).
السادسة: الصبر عليها، وهو موجب لمحبة الله تعالى وكثرة ثوابه.
قال تعالى (وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ) وقال (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ).
السابعة: تمحيصها للذنوب والخطايا.
قال تعالى (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِير).
الثامنة: معرفة نعمة العافية والشكر عليها.
فإن النعم لا تعرف أقدارها إلا بعد فقدها.
التاسعة: ما أعده الله تعالى على هذه الفوائد من ثواب الآخرة على اختلاف مراتبها.