للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العقبة الخامسة: عقبة المباحات التي لا حرج على فعلها.

فشغله بها عن الاستكثار من الطاعات، وعن الاجتهاد في التزود لمعاده، وأقل ما ينال منه: تفويته الأرباح والمكاسب العظيمة والمنازل العالية.

العقبة السادسة: عقبة الأعمال المرجوحة المفضولة من الطاعات.

فأمره بها وحسنها في عينه، وزينها له، وأراه ما فيها من الفضل والربح، ليشغله بها عما هو أفضل منها، وأعظم كسباً وربحاً؟ [مدارج السالكين: ١/ ٢٣٧].

(إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ) فهذا كالتفصيل لجملة عداوته، وهو مشتمل على أمور ثلاثة: أولها: السوء، وهو متناول جميع المعاصي سواء كانت تلك المعاصي من أفعال الجوارح أو من أفعال القلوب، أي: إنما يأمركم عدوكم الشيطان بالأفعال السيئة.

وثانيها: الفحشاء: وهي نوع من السوء، لأنها أقبح أنواعه، وهو الذي يستعظم ويستفحش من المعاصي.

وثالثها: (أَن تَقُولُواْ عَلَى الله مَا لَا تَعْلَمُونَ) وكأنه أقبح أنواع الفحشاء، لأنه وصف الله تعالى بما لا ينبغي من أعظم أنواع الكبائر، فصارت هذه الجملة كالتفسير لقوله تعالى (وَلَا تَتَّبِعُواْ خطوات الشيطان) فيدخل في الآية أن الشيطان يدعو إلى الصغائر والكبائر والكفر والجهل بالله.

• قوله تعالى (والسوء) أي الأعمال السيئة، وسميت سيئة، لأنها تسوء صاحبها في الدنيا وفي الآخرة، في الدنيا بظهور آثارها عليه من الهمّ والضيق في الصدر والخلق والرزق، فيفقد من السعادة في الحياة بقدر ما عمل من السوء، قال تعالى (فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ) وقال تعالى (أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ). وتسوؤه آجلاً بعد موته لمعاقبته عليها إن لم يتب منها أو يتداركه الله بعفوه، وربما تسوء غيره بأن يتعدى ضررها إلى الغير مباشرة، أو بأن يكون لها أثرها السيئ على البلاد والعباد عامة بمحق البركات وقلة الخيرات، كما قال تعالى (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) وقال -صلى الله عليه وسلم- (ما منع قوم زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء). رواه ابن ماجه

<<  <  ج: ص:  >  >>