لحديث جابر بن سمرة (أن رجلاً نزل الحرة فنفقت عنده ناقة، فقالت له امرأته: اسلخها حتى نقدر شحمها ولحمها ونأكله، فقال: حتى أسأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فسأله فقال: (هل عندك غنى يغنيك؟) قال: لا، قال: فكلوها) فأطلق النبي -صلى الله عليه وسلم- الأمر بأكل ولم يحدد.
القول الثالث: التفصيل بين من يخشى استمرار الضرورة فيحل له الشبع، ومن ضرورته مرجوة الزوال فلا يحل له إلا سد الرمق، لأن من ضرورته مستمرة إذا اقتصر على سد الرمق عادت الضرورة إليه عن قرب ولا يتمكن من البعد من الميتة مخافة الضرورة، ويفضي إلى ضعف بدنه، وربما أدى ذلك إلى تلفه بخلاف من ليست ضرورته مستمرة فإنه يرجو الغنى عنها بما يحل له.
وهذا احتمال في مذهب الحنابلة، ذكره صاحب المغني، وقول في مذهب الشافعي.
وهذا القول هو الراجح.
خامساً: هل يجوز للمضطر أن يتزود من الطعام المحرم؟
الصحيح أنه يجوز له ذلك، وهذا قول مالك ورواية عن أحمد وهو قول الشافعية.
لأنه لا ضرر في استصحابها ولا في إعدادها لدفع ضرورته وقضاء حاجته، ولا يأكل منها إلا عند ضرورته.
سادساً: إذا وجد المضطر ميتة وطعام الغير بحيث لا قطع فيه ولا أذى، فإنه لا يحل له أكل الميتة بل يأكل طعام الغير.
سابعاً: كل المحرمات إذا اضطر إليها، وزالت بها الضرورة كانت مباحة، قلنا (وزالت بها الضرورة) احترازاً مما لا تزول به الضرورة، كما إذا ما اضطر الإنسان إلى أكل سم، فلا يجوز أن يأكل، لأنه لا تزول بها ضرورته، بل يموت به، ولو اضطر إلى شرب خمر لعطش لم يحل له، لأنه لا تزول به ضرورته، ولذلك لو احتاج إلى شربه لدفع لقمة غص بها حل له، لأنه تزول به ضرورته.