للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال السعدي: وكثيراً ما يجمع تعالى بين الصلاة والزكاة في القرآن، لأن الصلاة متضمنة للإخلاص للمعبود، والزكاة والنفقة متضمنة للإحسان على عبيده، فعنوان سعادة العبد إخلاصه للمعبود، وسعيه في نفع الخلق، كما أن عنوان شقاوة العبد عدم هذين الأمرين منه، فلا إخلاص ولا إحسان.

(وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ) أي: ومن صفات هؤلاء المتقين أنهم يؤمنون بجميع الكتب المنزلة، فيؤمنون بالكتاب الذي أنزل إليك وهو القرآن، ويؤمنون بالكتب السابقة، كالتوراة والإنجيل والزبور.

• قال الشيخ ابن عثيمين: وبدأ بالقرآن مع أنه آخرها زمناً، لأنه مهيمن على الكتب السابقة ناسخ لها.

• اختلف العلماء في الموصوفين هنا، هل هم الموصوفون بما تقدم من قوله تعالى (الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما زرقناهم ينفقون) على قولين:

فقيل: إن الموصوفين أولاً مؤمنوا العرب، والموصوفون ثانياً بقوله (والذين يؤمنون بما أنزل إليك … ) لمؤمني أهل الكتاب، ورجح هذا القول ابن جرير الطبري رحمه الله.

وقيل: إن هؤلاء هم الموصوفون قبل هذه الآية، وهم مؤمنوا العرب ومؤمنوا أهل الكتاب، ورجح هذا ابن كثير.

ويدل لصحة هذا القول أن الله أمر بذلك فقال سبحانه (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ).

وقال تعالى (وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ).

• ورد فضل للكتابي الذي آمن بنبيه ثم آمن بمحمد -صلى الله عليه وسلم-.

قال تعالى (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ. وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ. أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا).

قال -صلى الله عليه وسلم- (ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين: … ورجل من أهل الكتاب آمن بنبيه وأدرك النبي -صلى الله عليه وسلم- فآمن به).

(وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ) أي: يوقنون بما يكون بعد الموت من لقاء الله والبعث والحساب والجنة والنار.

<<  <  ج: ص:  >  >>