للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل: أراد صوم رمضان كتب على المسلمين كما كتب على الذين من قبلهم، يعني: النصارى.

(أَيَّاماً مَعْدُودَاتٍ) أي: والصيام أيامه معدودات، وهي أيام قلائل، فلم يفرض عليكم الدهر كله تخفيفاً ورحمة بكم.

• اختلف في المراد بها: فقال بعض العلماء: ثلاثة أيام من كل شهر، وقال بعضهم: هي رمضان، وهذا هو الراجح، ورجحه الطبري.

• قال الطبري: وأولى الأقوال بالصواب عندي قول من قال: عنى جل ثناؤه بقوله (أَيَّاماً مَّعْدُودَاتٍ) أيام شهر رمضان، وذلك أنه لم يأت خبر تقوم به حجة بأن صوماً فرض على أهل الإسلام غير صوم شهر رمضان ثم نسخ بصوم رمضان، لأن الله تعالى قد بيّن في سياق الآية أن الصوم الذي أوجبه علينا هو صوم شهر رمضان دون غيره من الأوقات، بإبانته عن الأيام التي كتب علينا صومها بقوله (شَهْرُ رَمَضَانَ الذي أُنْزِلَ فِيهِ القرآن) فتأويل الآية كتب عليكم أيها المؤمنون الصيام، كما كتب على من قبلكم لعلكم تتقون، أياماً معدودات هي شهر رمضان.

قال ابن عاشور: المراد بالأيام من قوله (أياماً معدودات) شهر رمضان عند جمهور المفسرين، وإنما عبر عن رمضان بأيام وهي جمع قلة ووصف بمعدودات وهي جمع قلة أيضاً؛ تهوينا لأمره على المكلفين، والمعدودات كناية عن القلة؛ لأن الشيء القليل يعد عداً؛ ولذلك يقولون: الكثير لا يعد، ولأجل هذا اختير في وصف الجمع مجيئه في التأنيث على طريقة الجمع بألف وتاء وإن كان مجيئه على طريقة الجمع المكسر الذي فيه هاء تأنيث أكثر.

(فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً) أي: كان به مرض يؤلمه ويؤذيه أو يخاف تماديه أو تزيُّده فإنه يفطر.

(أَوْ عَلَى سَفَرٍ) أي: كان صحيحاً لبس مرض لكنه على سفر.

(فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) أي: فعليه عدة الأيام التي أفطرها مرضه أو في سفره.

قال ابن كثير: المريض والمسافر لا يصومان في حال المرض والسفر لما في ذلك من المشقة عليهما بل يفطران ويقضيان بعد ذلك من أيام أخر.

(وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ) كان ذلك في ابتداء الإسلام: من شاء صام، ومن شاء أفطر وأطعم عن كل يوم مسكيناً، ثم نسخ ذلك بقوله تعالى (فمن شهد منكم الشهر فليصمه) فقد روى البخاري عن سلمة بن الأكوع أنه قال لما نزلت (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ) كان من أراد أن يفطر يفتدي، حتى نزلت الآية التي بعدها فنسختها، وبالنسخ قال أكثر المفسرين.

• فالمراد بقوله (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ) المقيم الصحيح فخيره الله تعالى أولاً بين هذين، ثم نسخ ذلك وأوجب الصوم عليه مضيقاً معيناً، وهذا قول أكثر المفسرين.

<<  <  ج: ص:  >  >>