• قال السعدي: قوله تعالى (فَلا تَقْرَبُوهَا) أبلغ من قوله (فلا تفعلوها) لأن القربان، يشمل النهي عن فعل المحرم بنفسه، والنهي عن وسائله الموصلة إليه، والعبد مأمور بترك المحرمات، والبعد عنها، غاية ما يمكنه، وترك كل سبب يدعو إليه.
(كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ) أي كما بين الصيام وأحكامه، وبين سائر الأحكام على لسان عبده ورسوله محمد -صلى الله عليه وسلم-.
(لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) أي أبيّن لهم ذلك ليتقوا محارمي ومعاصيّ، ويتجنبوا سخطي وغضبي.
• قال السعدي: قوله تعالى (كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) فإنهم إذا بان لهم الحق اتبعوه، وإذا تبين لهم الباطل اجتنبوه، فإن الإنسان قد يفعل المحرم على وجه الجهل بأنه محرم، ولو علم تحريمه لم يفعله، فإذا بين الله للناس آياته، لم يبق لهم عذر ولا حجة، فكان ذلك سبباً للتقوى.
قال ابن عاشور:(لعلهم يتقون) أي إرادةً لاتقائهم الوقوع في المخالفة، لأنه لو لم يبين لهم الأحكام لما اهتدوا لطريق الامتثال، أو لعلهم يلتبسون بغاية الامتثال والإتيان بالمأمورات على وجهها فتحصل لهم صفة التقوى الشرعية، إذ لو لم يبين الله لهم لأتوا بعبادات غير مستكملة لما أراد الله منها؛ وهم وإن كانوا معذورين عند عدم البيان وغير مؤاخذين بإثم التقصير إلاّ أنهم لا يبلغون صفة التقوى، أي كمال مصادفة مراد الله تعالى، فلعل يتقون على هذا منزل منزلة اللازم لا يقدَّر له مفعول مثل (هل يستوي الذين يعلمون)، وهو على الوجه الأول محذوف المفعول للقرينة.