• قوله تعالى (في الحياة الدنيا) قيل: أي في هذه الحيا الدنيا فقط، وأما في الآخرة فالحاكم فيها علام الغيوب الذي يطلع على القلوب والسرائر.
(وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ) قيل: معناه أنه إذا أظهر للناس الإسلام حَلَف وأشهد الله لهم: أن الذي في قلبه موافق للسانه. وهذا المعنى صحيح، وقاله عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، واختاره ابن جرير.
• قال ابن عاشور: ومعنى (يشهد الله على ما في قلبه) أنه يقرن حسن قوله وظاهر تودده بإشهاد الله تعالى على أن ما في قلبه مطابق لما في لفظه، ومعنى إشهاد الله حلفه بأن الله يعلم إنه لصادق.
قال تعالى (إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ).
وقال تعالى (يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ).
(وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ) الألد في اللغة هو الأعوج، وهكذا المنافق في حال خصومته يكذب، ويَزْوَرَّ عن الحق ولا يستقيم معه، بل يفتري ويفجر، كما قال -صلى الله عليه وسلم- (آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا أؤتمن خان) متفق عليه.
وفي البخاري عن عائشة. قالت. قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم).
(وَإِذَا تَوَلَّى) أي: أدبر، وذهب عنك يا محمد، وقيل: إنه بمعنى الولاية: أي: إذا كان والياً فعل ما يفعله ولاة السوء من الفساد في الأرض، قال الرازي: والقول الأول أقرب إلى نظم الآية، لأن المقصود بيان نفاقه، وهو أنه عند الحضور يقول الكلام الحسن ويظهر المحبة، وعند الغيبة يسعى في إيقاع الفتنة والفساد.
(سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ) السعي هنا القصد، كما قال تعالى إخباراً عن فرعون (ثم أدبر يسعى … ) وقال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ) أي: اقصدوا واعمدوا ناوين بذلك صلاة الجمعة، فإن السعي الحسي منهي عنه بالسنة النبوية (إذا أتيتم الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون، وأتوها وعليكم السكينة والوقار).