فلما كان من الغد استدعى عمر بتلك المرأة وقال لها: أين زوجك؟ فقالت: بعثتَ به إلى العراق! فاستدعى نساء فسألهنّ عن المرأة كم مقدار ما تصبِر عن زوجها؟ فقلن: شهرين، ويَقلّ صبرها في ثلاثة أشهر، وينفَدُ صبرُها في أربعة أشهر، فجعل عمر مدّة غزوِ الرجل أربعة أشهر؛ فإذا مضت أربعةُ أشهر استرد الغازين ووجه بقوم آخرين؛ وهذا والله أعلم يقوِّي اختصاص مدّة الإيلاء بأربعة أشهر.
(فَإِنْ فَاءُوا) أي: رجعوا إلى ما كانوا عليه، وهو كناية عن الجماع، قاله ابن عباس، ومسروق والشعبي، وسعيد بن جبير، وغير واحد، ومنهم ابن جرير رحمه الله.
(فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ) أي: لما سلف من التقصير في حقهن بسبب اليمين.
وفي ختم الآية بقوله (فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) ترغيب بالفيء والعود إلى جماع الزوجة والإحسان إليها، لأنه أحب إلى الله.
(رَحِيمٌ) حيث جعل لأيمانهم كفارة وتحلة، ولم يجعلها لازمة لهم، غير قابلة للانفكاك.
(وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ) أي: قصدوا الطلاق، أي: طلاق زوجاتهم اللاتي مضى على إيلائهم منهن أربعة أشهر.
• وفي هذا دلالة على أنه لا يقع الطلاق بمجرد مضي أربعة أشهر على الإيلاء، وهذا مذهب جماهير العلماء، فإذا انقضت المدة يخيّر الحالف إما أن يفيء (يرجع) وإما أن يطلق، فإن أبى أن يطلق أمره الحاكم بالطلاق إذا طلبت المرأة، لأن الحق لها.
(فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ) ذو سمع تام يسمع جميع الأصوات.
(عَلِيمٌ) ذو علم واسع يعلم كل شيء، كما قال تعالى (وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً).
• وفي ختم الآية بذلك ما يشبه التخويف والتحذير، وذلك لعظم أمر الطلاق وبغضه عند الله، ولوجوب مراعاة أحكامه، والإشارة إلى أنه خلاف الأولى.