• وقال السعدي: وأما كتمان الحيض، فإن استعجلت فأخبرت به وهي كاذبة، ففيه من انقطاع حق الزوج عنها وإباحتها لغيره، وما يتفرع عن ذلك من الشر، وإن كذبت وأخبرت بعدم وجود الحيض لتطول العدة، فتأخذ منه نفقة غير واجبة عليه،
بل هي سحت عليها محرمة من وجهين:
من كونها لا تستحقه، ومن كونها نسبته إلى حكم الشرع وهي كاذبة، وربما راجعها بعد انقضاء العدة، فيكون ذلك سفاحاً لكونها أجنبية عنه.
(إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) أي: إن كن يصدقن بالله واليوم الآخر، وفي هذا تخويف وتحذير لهن من الكتمان.
• قال ابن عاشور: قوله تعالى (إن كن يؤمن بالله واليوم الآخر) شرط أريد به التهديد دون التقييد.
والإيمان بالله: هو الإيمان بوجوده وربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته وشرعه.
والإيمان باليوم الآخر: هو التصديق بالبعث والحساب والجزاء على الأعمال، وسمي يوم القيامة باليوم الآخر لأنه آخر الأيام.
• وكثيراً ما يقرن الله تعالى بين الإيمان به واليوم الآخر، لأن الإيمان باليوم الآخر من أعظم ما يحمل الناس على مراقبة الله، ولهذا قال عمر: لولا الإيمان باليوم الآخر لرأيت من الناس غير ما ترى.
• قال ابن كثير: ودل هذا على أن المرجع في هذا إليهن، لأنه لا يعلم إلا من جهتهن، وتتعذر إقامة البينة غالباً على ذلك، فرد الأمر إليهن، وتوعدن فيه، لئلا تخبر بغير الحق، إما استعجالاً منها لانقضاء العدة، أو رغبة منها في تطويلها، لما لها في ذلك من المقاصد، فأمرت أن تخبر بالحق في ذلك، من غير زيادة ولا نقصان.
وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ) أي: وأزواجهن أحق وأولى برجعتهن منهن ومن أوليائهن وغيرهم، فكما أن الطلاق بأيدي الأزواج، فكذلك الرجعة بأيديهم.
• قال ابن كثير: أي وزوجها الذي طلقها أحق بردتها ما دامت في عدتها.
• قوله تعالى (وَبُعُولَتُهُنَّ) جمع بعل، وهو الزوج كما قال تعالى (قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخاً) أي: زوجي.
• قوله تعالى (وَبُعُولَتُهُنَّ) يقتضي أنهن أزواج بعد الطلاق الرجعي.
• قوله تعالى (فِي ذَلِكَ) الإشارة إلى التربص المفهوم من قوله تعالى (يتربصن).
والمعنى: وأزواجهن أحق بإرجاعهن إذا رغبوا في ذلك مادمن في العدة.