• قال ابن القيم: فأخبر أن للمرأة من الحق مثل الذي عليها، فإذا كان الجماع حقاً للزوج عليها، فهو حق لها على الزوج، بنص القرآن، وأيضاً فإنه سبحانه أمر الأزواج أن يعاشروا الزوجات بالمعروف، ومن ضد المعروف أن يكون عنده شابة شهوتها تعدل شهوة الرجل أو تزيد عليها بأضعاف مضاعفة، ولا يذيقها لذة الوطء مرة واحدة.
كما ثبت في صحيح مسلم، عن جابر، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال في خطبته، في حجة الوداع (فاتقوا الله في النساء، فإنكم أخذتموهُنّ بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ولكم عليهن ألا يُوطِئْنَ فُرُشَكم أحدًا تكرهونه، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربًا غير مُبَرِّح، ولهن رزقهن وكسوتهن بالمعروف).
وفي حديث بهز بن حكيم، عن معاوية بن حَيْدَة القُشَيري، عن أبيه، عن جده، أنه قال: يا رسول الله، ما حق زوجة أحدنا؟ قال: "أن تطعمها إذا طعمْتَ، وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه، ولا تُقَبِّح، ولا تهجر إلا في البيت) رواه أبو داود وقال معنى (لا تقبح) أي: لا تقل قبحكِ الله.
وقال -صلى الله عليه وسلم- (أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً، وخياركم خياركم لنسائهم) رواه الترمذي.
كما أن للزوج حقوقاً على زوجته:
قال -صلى الله عليه وسلم- (إذا باتت المرأة هاجرة فراش زوجها لعنتها الملائكة حتى تصبح).
وقال -صلى الله عليه وسلم- (لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد لامرأة المرأة أن تسجد لزوجها) رواه الترمذي.
وقال -صلى الله عليه وسلم- (لا يحل لامرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه، ولا تأذن في بيته إلا بإذنه) متفق عليه.
وهذه الحقوق على الزوجين لكل منهما على الآخر تشمل جميع حقوق المعاشرة بالمعروف قولاً وفعلاً وبذلاً وخلقاً وغير
ذلك.
قال ابن عباس: إني أحب أن أتزين للمرأة كما أحب أن تتزين لي المرأة لأن الله يقول (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ).
• وقدم - في الذكر - حق النساء فقال (ولهن) - والله أعلم - تأكيداً لذلك، ولئلا يعتقد الرجال أن جعل القوامة فيهم يبرر لهم التساهل في حقوقهن عليهم، وقدم حقهن أيضاً، لأن المرأة أسيرة عند الرجل، فلا يجوز التهاون في حقها كما قال -صلى الله عليه وسلم- (فاتقوا الله في النساء، فإنهن عوان عندكم).
(وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ) أي: في الفضيلة في العقل والدين الخلُق والمنزلة وطاعة الأمر والإنفاق والقيام بالمصالح والفضل في الدنيا والآخرة.