للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• قال الرازي: واعلم أن المراد من الإحسان، هو أنه إذا تركها أدى إليها حقوقها المالية، ولا يذكرها بعد المفارقة بسوء ولا ينفر الناس عنها.

(وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً) هذا من التسريح بإحسان، بأن لا يأخذوا مما أعطوهن شيئاً.

أي: لا يحل لكم أيها الأزواج أن تأخذوا من الذي أعطيتموهن من المهور والنفقات والهدايا وسائر الأعطيات (شيئاً) مهما كان صغيراً أو كبيراً، قليلاً أو كثيراً.

كما قال تعالى (وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ).

• لكن لو أعطت المرأة زوجها شيئاً مما دفعه إليها عن طيب نفس منها حل له أخذه لقوله تعالى (وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً).

(إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ) أي: إلا أن يخافا الزوجان أن لا يقيما حدود الله فيما بينهما.

وقرئت بضم الياء (يُخافا) والمعنى: إلا أن يَخاف الحاكم أو القاضي أو أهل الزوجين أو من علم حالهما من المسلمين (أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ).

(فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ) الخطاب لحكام المسلمين وقضاتهم وأهل الزوجين، ومن علم حالهما من المسلمين ممن يمكنه الإصلاح بينهما.

• قال الشوكاني: (فَإِنْ خِفْتُمْ ألاَّ يُقِيمَا حُدُودَ الله) أي: إذا خاف الأئمة، والحكام، أو المتوسطون بين الزوجين، وإن لم يكونوا أئمة، وحكاماً عدم إقامة حدود الله من الزوجين، وهي: ما أوجبه عليهما كما سلف.

(فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا) أي: فلا حرج ولا إثم عليهما.

• فإن قيل: لماذا جاءت الآية بنفي الجناح عليهما؟ فالجواب: أن طلب الفداء والطلاق حرام على الزوجة بدون سبب، وحرام على الزوج أيضاً أن يأخذ شياً مما آتاها بدون سبب.

(فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ) أي: في الذي افتدت به نفسها منه، برد بعض ما أعطاها إليه، أو كله أو أكثر منه، أي: فلا حرج عليها في طلب الطلاق والخلع وبذل الفداء في هذه الحالة.

<<  <  ج: ص:  >  >>