(إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ) وجه إفضال الله على الناس في هذه القصة:
أولاً: أنه يريهم الآيات الباهرات والحجج القاطعات ما يبصرهم بما فيه سعادتهم في الدنيا والآخرة.
ثانياً: إثبات البعث والمعاد، فإذا علموا ذلك عملوا له، فكان في عملهم نجاة لهم من النار بإذن الله.
ثالثاً: تشجيع الناس على القتال في سبيل الله، وبيان أنه لن يقدم أجلاً ولن يؤخره، فإذا جاهدوا في سبيل الله نالوا جنة الله عز وجل.
(وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ) كما قال تعالى (وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ).
• قال ابن كثير: وفي هذه القصة عبرة ودليل على أنه لن يغني حذر من قدر، وأنه لا ملجأ من الله إلا إليه، فإن هؤلاء فروا من الوباء طلبًا لطول الحياة فعوملوا بنقيض قصدهم وجاءهم الموت سريعًا في آن واحد.
• قال ابن عاشور: استئناف ابتدائي للتحريض على الجهاد والتذكير بأن الحذر لا يؤخر الأجل، وأن الجبان قد يلقى حتفه في مظنة النجاة.
• قال الشنقيطي: المقصود من هذه الآية الكريمة، تشجيع المؤمنين على القتال بإعلامهم بأن الفرار من الموت لا ينجي،
فإذا علم الإنسان أن فراره من الموت أو القتل لا ينجيه، هانت عليه مبارزة الأقران، والتقدم في الميدان، وقد أشار تعالى أن هذا هو مراده بالآية حيث أتبعها بقوله (وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ الله) الآية وصرح بما أشار إليه هنا في قوله (قُل لَّن يَنفَعَكُمُ الفرار إِن فَرَرْتُمْ مِّنَ الموت أَوِ القتل وَإِذاً لاَّ تُمَتَّعُونَ إِلاَّ قَلِيلاً) وهذه أعظم آية في التشجيع على القتال، لأنها تبين أن الفرار من القتل لا ينجي منه ولو فرض نجاته منه فهو ميت عن قريب.
ويؤخذ من هذه الآية عدم جواز الفرار من الطاعون إذا وقع بأرض وأنت فيها، وقد ثبت عن النَّبي -صلى الله عليه وسلم- النهي عن الفرار من الطاعون وعن القدوم على الأرض التي هو فيها إذا كنت خارجاً عنها.
• قال أبو حيان: قوله (وهم ألوف) في هذا تنبيه على أن الكثرة والتعاضد، وإن كانا نافعين في دفع الأذيات الدنيوية، فليسا بمغنيين في الأمور الإلهية.
• في الآية أن الحذر لا ينجي من القدر.