• وقال ابن عاشور: قوله تعالى (له ما في السماوات وما في الأرض) تقرير لانفراده بالإلهية إذ جميع الموجودات مخلوقاته، وتعليل لاتّصافه بالقيّوميّة، لأنّ من كانت جميع الموجودات مِلكاً له فهو حقيق بأن يكون قيّومها وألاّ يهملها ولذلك فُصلت الجملة عن التي قبلها.
وقد جاءت آيات كثيرة في القرآن الكريم تدل على هذا العموم:
قال تعالى (وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ).
وقال تعالى (وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطاً).
وقال تعالى (لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ).
• وهذه الجملة تؤيد تفرده سبحانه بالألوهية، وذلك من جانبين:
الأول: حيث إن الجميع عبيد له جل جلاله، وليس للعبد أن يعبد غير مالكه، أو يُشرِك غيره معه في العبادة، وقد نهاه عن ذلك.
الثاني: وحيث إن الجميع عبيد له، فكيف يُعبد مملوك - كائناً من كان - ويُترك المالك، أو يُشرَك مملوك في العبادة مع المالك، وقد نهى عن ذلك.
• والفائدة من إيماننا بأن لله ملك السموات والأرض:
أولاً: الرضا بقضاء الله، وأن الله لو قضى عليك مرضاً فلا تعترض، ولو قضى عليك فقراً فلا تعترض، لأنك ملكه يتصرف فيك كما يشاء ..
يدل لذلك ما أمرنا الله به أن نقول عند المصيبة (الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ).
ويدل لذلك أيضاً ما بينّه النبي -صلى الله عليه وسلم- لابنته التي أشرف ابنها على الموت، حينما أرسلت إليه ليأتي، فأرسل يقرأ السلام ويقول: إن لله ما أخذ وله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجل مسمى، فلتصبر ولتحتسب).
ثانياً: الرضا بشرعه وقبوله والقيام به، لأنك ملكه.
ثالثاً: أن كل ما في الكون ملك لله الأحد سبحانه وتعالى من غير شريك، فما لدينا من مال ومتاع وجاه ليس ملكاً لنا بل هو ملك لله، وإنما نحن مستخلفون فيه للابتلاء والاختبار، كما قال تعالى (آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ).