للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما الله عز وجل فهو لا يخاف من أحد، ولا يقبل الشفاعة إحراجاً من أحد، وليس لأحد فضل على الله عز وجل حتى يكون ذلك القبول على سبيل المقايضة.

كما قال تعالى (مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ).

وقال تعالى (يَوْمَئِذٍ لا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً).

وقال تعالى (وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى).

بل بيّن سبحانه وتعالى أن الملائكة ومنهم الروح الأمين عليهم لن يتجرأ أحد منهم الكلام إلا من بعدما أن يأذن له الرحمن كما قال تعالى (يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفّاً لا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَاباً).

وأخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه لن يتقدم يوم القيامة أحد من الأنبياء والمرسلين للشفاعة لدى الرب إلا هو -صلى الله عليه وسلم-، وحتى هو لن يبدأ في الشفاعة إلا بعدما يأذن الله له، وفي الحديث ( … بعد أن يتأخر عنها آدم وموسى وإبراهيم ونوح وعيسى، يشفع النبي -صلى الله عليه وسلم- فيقال له: ارفع رأسك، وسل تعْطَه، وقل يُسمع، واشفع تشفّع).

• والشفاعة في اللغة: جعل الشيء شفيعاً، وهي التوسط للغير بجلب منفعة أو دفع مضرة.

(يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ) اختلف في معناها:

فقيل: (يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ) يعني الآخرة لأنهم يُقدِمون عليها (وَمَا خَلْفَهُمْ) من الدنيا لأنهم يخلفونها وراء ظهورهم.

وقيل: (يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ) بعد انقضاء آجالهم (وَمَا خَلْفَهُمْ) أي: ما كان من قبل أن يخلقهم، وقيل: ما فعلوا من خير وشر وما يفعلونه بعد ذلك.

والمراد من الآية: أن الله يعلم كل شيء من ماض ومستقبل، وأن علمه شامل لكل شيء سبحانه وتعالى.

• قال ابن كثير: دليل على إحاطة علمه بجميع الكائنات ماضيها وحاضرها ومستقبلها.

• وقال أبو حيان: والذي يظهر أن هذا كناية عن إحاطة علمه تعالى بسائر المخلوقات من جميع الجهات.

<<  <  ج: ص:  >  >>