(وَتَثْبِيتاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ) أي: وهم متحققون مُثبَتون أن الله سيجزيهم على ذلك أوفر الجزاء.
وقيل: تصديقاً ويقيناً.
وقيل: التثبيت لارتياد محل الإنفاق، فهم ينظرون أين يضعونها.
وقيل: أي لأجل التثبيت.
وقيل: إنهم بهذا الإنفاق يروضون النفس ويثبتونها ويدربونها ويخطمونها بتقويتها على البذل والإنفاق لئلا تضعف، وهذا اختيار ابن القيم.
وقيل: أن أنفسهم كانت موقنة مصدّقة بوعد الله إياها فيما أنفقت في طاعته بغير منّ ولا أذى، فثبتهم في إنفاق أموالهم ابتغاء مرضاة الله، وصحح عزمهم وآراءهم يقيناً منها بذلك، وتصديقاً بوعد الله إياها ما وعدها.
قال ابن القيم: هذا مثل الذي مصدر نفقته عن الإخلاص والصدق فإن ابتغاء مرضاته سبحانه هو الإخلاص والتثبيت من النفس هو الصدق في البذل فإن المنفق يعترضه عند إنفاقه آفتان إن نجا منهما كان مثله ما ذكره في هذه الآية:
إحداهما: طلبه بنفقته محمدة أو ثناء أو غرضاً من أغراضه الدنيوية وهذا حال أكثر المنفقين.
والآفة الثانية: ضعف نفسه وتقاعسها وترددها هل يفعل أم لا.
فالآفة الأولى تزول بابتغاء مرضاة الله، والآفة الثانية تزول بالتثبيت فإن تثبيت النفس تشجيعها وتقويتها والإقدام بها على البذل وهذا هو صدقها وطلب مرضاة الله إرادة وجهه وحده وهذا إخلاصها فإذا كان مصدر الإنفاق عن ذلك … ألخ.