(وَأَقَامُوا الصَّلاةَ) أي: وأقاموا الصلاة إقامة تامة بشروطها وأركانها وواجباتها وسننها.
• قال الشيخ السعدي: عند قوله تعالى (ويقيمون الصلاة) لم يقل: يفعلون الصلاة، أو يأتون الصلاة، لأنه لا يكفي فيها مجرد الإتيان بصورتها الظاهرة، فإقام الصلاة، إقامتها ظاهراً بإتمام أركانها وواجباتها وشروطها، وإقامتها باطناً بإقامة روحها، وهو حضور القلب فيها، وتدبر ما يقوله ويفعله منها.
• لم يأمر الله بالصلاة إلا بلفظ الإقامة، كقوله تعالى (وأقيموا الصلاة) وقوله تعالى (والمقيمين الصلاة).
• إقامة الصلاة ليس مجرد أداؤها، وإنما المراد إقامتها بإدائها بتدبر وحضور قلب وخشوع، وهذه هي الصلاة التي قال الله عنها (وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر).
فإن الله في هذه الآية علق حكم نهي الصلاة عن الفحشاء والمنكر بشرط إقامتها وليس فقط أداؤها، (والحكم المعلق بوصف يزيد بزيادته وينقص بنقصه) فعلى قدر إقامة العبد لصلاته على قدر ما تؤثر فيه فتنهاه عن الفحشاء والمنكر، وبهذا يزول الإشكال الذي يورده البعض: وهو أن كثير من المصلين لا تنهاهم صلاتهم عن الفحشاء والمنكر.
(وَآتَوُا الزَّكَاةَ) أي: وأعطوا الزكاة الواجبة عليكم لمستحقيها.
• الإيتاء: هو الإعطاء قال تعالى (وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ).
• الزكاة: هي: قدر واجب في مال مخصوص، لطائفة أو جهة مخصوصة.
وسميت بذلك: لأنها تزكي المال، وتزكي صاحب المال، كما قال تعالى (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ)، بل وتزكي المجتمع كله، فتنتشر المحبة والوئام والإخاء.
• قوله تعالى (وَأَقَامُواْ الصلاة وَءاتَوُاْ الزكاة) تخصيصهما بالذكر مع اندراجهما في الأعمال للتنبيه على عظم فضلهما، فإن الأولى: أعظم الأعمال البدنية والثانية: أفضل الأعمال المالية.
(لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ) أي: لهم ثواب إيمانهم وأعمالهم الصالحات وصلاتهم وزكاتهم ..
• وفي تسمية ثوابهم أجراً تأكيد لتكفله - عز وجل - لهم بذلك، وفي كونه عند ربهم تعظيم له، لأنه الكريم الجواد.
• كثيراً ما يقرن الله تبارك وتعالى بين الصلاة والزكاة؟
قيل: إن الصلاة حق الله وعبادته وهي مشتملة على توحيده والثناء عليه وتمجيده، والإنفاق هو من الإحسان إلى المخلوقين بالنفع المتعدي إليهم، وسعادة العبد دائرة بين الأمرين: إخلاصه لمعبوده، وسعيه في نفع الخلق.
وقيل: الصلاة رأس العبادات البدنية، والزكاة رأس العبادات المالية.