للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• قال الجصاص: قَوْله تَعَالَى (فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ) لَا يُوجِبُ إكْفَارَهُمْ لِأَنَّ ذَلِكَ قَدْ يُطْلَقُ عَلَى مَا دُونَ الْكُفْرِ مِنْ الْمَعَاصِي؛ قَالَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ (إنَّ عُمَرَ رَأَى مُعَاذًا يَبْكِي، فَقَالَ: مَا يُبْكِيَك؟ فَقَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ (الْيَسِيرُ مِنْ الرِّيَاءِ شِرْكٌ وَمَنْ عَادَى أَوْلِيَاءَ اللَّهِ فَقَدْ بَارَزَ اللَّهَ بِالْمُحَارَبَةِ) فَأَطْلَقَ اسْمَ الْمُحَارَبَةِ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَكْفُرْ.

• قال ابن عاشور: وتَنكير حرب لقصد تعظيم أمرها؛ ولأجل هذا المقصد عدل عن إضافة الحرب إلى الله وجيء عوضاً عنها بمن ونسبت إلى الله؛ لأنّها بإذنه على سبيل مجاز الإسناد، وإلى رسوله لأنّه المبلغ والمباشر، وهذا هو الظاهر.

• قال ابن القيم: ففي ضمن هذا الوعيد: أن المرابي محارب لله ورسوله، قد آذنه الله بحربه، ولم يجيء هذا الوعيد في كبيرة سوى: الربا، وقطع الطريق والسعي في الأرض بالفساد؛ لأن كل واحد منهما مفسد في الأرض، قاطع الطريق على الناس، هذا بقهره لهم وتسلطه عليهم، وهذا بامتناعه من تفريج كرباتهم إلا بتحميلهم كربات أشد منها، فأخبر عن قطاع الطريق بأنهم يحاربون الله ورسوله، وآذن هؤلاء إن لم يتركوا الربا: بحربه وحرب رسوله.

(وَإِنْ تُبْتُمْ) أي: رجعتم إلى الله بترك الربا.

(فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ) أي: فلكم أصول أموالكم كاملة دون الربا.

(لا تَظْلِمُونَ) أي: لا تظلمون غيركم بأخذ الزيادة منهم.

(وَلا تُظْلَمُونَ) أنتم بنقص شيء من رؤوس أموالكم.

• قال ابن القيم: يعني إن تركتم الربا وتبتم إلى الله منه، وقد عاقدتم عليه فإنما لكم رؤوس أموالكم، لا تزادون عليها فتظلمون الآخذ، ولا تنقصون منها فيظلمكم من أخذها.

<<  <  ج: ص:  >  >>