للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ) يعني به القرآن الذي أنزل على محمد -صلى الله عليه وسلم- النبي الأمي العربي بشيراً ونذيراً وسراجاً منيراً مشتملاً على الحق من الله تعالى مصدقاً لما بين يديه من التوراة والإنجيل.

التصديق لما بين يديه له معنيان:

أولاً: أنه شاهد لها بالصدق، أي شاهد لها بالصدق، وقد شهد القرآن أن التوراة والإنجيل كليهما من عند الله.

ثانياً: أنه جاء مطابقاً لما أخبرت به.

• قال ابن كثير: فهي تصدّقه بما أخبرت به وبشرت في قديم الزمان، وهو يصدقها، لأنه طابق ما أخبرت به وبشرت من الوعد من الله بإرسال محمد -صلى الله عليه وسلم-، وإنزال القرآن العظيم عليه.

• قال ابن عاشور: قوله تعالى (مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ) أنه مصدق للكتب السابقة له، وجعل السابق بين يديه: لأنه يجيء قبله. فكأنه يمشي أمامه.

(وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ) على موسى -عليه السلام-.

(وَالْإِنْجِيلَ) على عيسى -عليه السلام-.

(مِنْ قَبْلُ) أي: من قبل هذا القرآن.

(هُدىً لِلنَّاسِ) أي: في زمانهما.

• اختلف العلماء هل هذا الوصف (هدى للناس) عائد إلى التوراة والإنجيل فقط أم يشمل القرآن؟

فقيل: إنه وصف عائد إلى التوراة والإنجيل فقط.

ورجحه أبو حيان.

وقال: وخص الهدى بالتوراة والإنجيل هنا، وإن كان القرآن هدى، لأن المناظرة كانت مع النصارى وهم لا يهتدون بالقرآن، بل وصف بأنه حق في نفسه، قبلوه أو لم يقبلوه، وأما التوراة والإنجيل فهم يعتقدون صحتهما، فلذلك اختصا في الذكر بالهدى.

وقيل: أنه تعالى وصف الكتب الثلاثة بأنها هدى، فهذا الوصف عائد إلى كل ما تقدم وغير مخصوص بالتوراة والإنجيل، والله أعلم بمراده. قاله الرازي.

واختاره السعدي وقال: الظاهر أن هذا راجع لكل ما تقدم، أي: أنزل الله التوراة والإنجيل والقرآن هدى للناس من الضلال، فمن قبل هدى الله فهو المهتدي، ومن لم يقبل ذلك بقي على ضلالة.

(وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ) وهو الفارق بين الهدى والضلال، والحق والباطل، والغي والرشاد، بما يذكره الله تعالى من الحجج والبينات، والدلائل الواضحات، والبراهين القاطعات، ويبينه ويوضحه ويفسره ويقرره، ويرشد إليه وينبه عليه من ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>