وقال ابن عدي: أخبرنا الساجي، حدثني أحمد بن محمد، حدثني ابن عَرْعَرة قال: كنت عند يحيى بن سعيد، وعنده بُلْبُل، وابن أبي خَدُّوْيَهْ، وعلي يعني ابنَ المديني، فأقبل الشاذكوني، فسمع عليًا يقول ليحيى بن سعيد: طارقٌ وإبراهيمُ بن مهاجر؟ فقال يحيى: يجريان مجرىً واحدًا.
فقال الشاذكوني: يسألك عما لا تدري، فتكلَّفُ لنا ما لا تُحسِن، إنما يُكتب عليك ذنوبُك!؟ حديثُ إبراهيم بن مهاجرٍ خمس مئة حديث، وحديث طارق مئتان، عندك عن إبراهيم مئة، وعن طارق عشرة، يعني فكيف تسوِّي بينهما؟
قال: فأقبل بعضُنا على بعض فقلنا: هذا ذُلّ، فقال يحيى: دعوه، فإن كلَّمتموه لا آمن أن يفرقنا (١) بأعظمَ من هذا. قلت: هذا دالّ على سَعَة حفظ الشاذكوني ومعرفته.
وقال صالح جَزَرة، قال لي أبو زرعة الرازي: مُرْ بنا إلى الشاذكوني يومًا حتى نذاكره، قال: فذهبنا إليه جميعًا، فما زال يذاكره حتى عَجَز الشاذَكوني وأعياه أمرُه، فألقى عليه حديثًا من حديث الرازيين، فلم يعرفه أبو زرعة. فقال الشاذكوني: يا سبحان الله، ألا تحفظ حديثَ أهلِ بلدك؟! هذا حديثٌ مخرجُه من عندكم ولا تحفظه؟! وأبو زُرْعة ساكت، والشاذكوني يجهّله، ويُرِي مَنْ حضر أنه قد عَجَز عنه.
فلما خرجنا، جعل أبو زرعة يقول: لا أدري من أين جاء هذا الحديث، قال: فقلت له: إنه وضعه في الوقت ليُخْجِلك، قال: هكذا؟ قلتُ: نعم، قال: فسُرِّي عنه.
وقال أبو بكر بن أبي شيبة: كنا نجتمع للمذاكرة وفينا الشاذَكُوني، فإذا