اشتغل بالطلب أخيرًا، وأن نسبَه ليس بصحيح. وكتب السنهوري بذلك مَحْضَرًا، وأخذ خطوطَهم فيه، فعَلِم ابنُ دحية بذلك، فشكاه للسلطان، فأمر بالقبض عليه، وضُرب وجُرِّس على حمار، وأُخرج من القاهرة، وأَخَذ ابنُ دحية المحضر فحَرّقه.
قال: وحضرت معه مجلس السلطان مرارًا، وكان يحضر في كل جمعة، فيصلي عند السلطان، ويقرأ عليه شيئًا من مجموعاته، وكان حافظًا ماهرًا في علم الحديث، حسنَ الكلام فيه، فصيحَ العبارة، تامَّ المعرفة بالنحو واللغة. وله كتب نفيسة.
وكان ظاهريَّ المذهب، كثير الوقيعة في الأئمة، وفي السلف من العلماء، خبيث اللسان، أحمق، شديد الكبر، قليل النظر في أمور الدين، متهاونًا.
حدثني علي بن الحسن أبو العلاء الأصبهاني، وناهيك به جَلالة ونُبلًا قال: لما قدم ابن دحية علينا أصبهان، نزل على أبي في الخانْكَاه، فكان يكرمه ويبجّله، فدخل على والدي يومًا ومعه سجّادة، فقَبَّلها ووضعها بين يديه وقال: صلَّيتُ على هذه السجادة كذا كذا ألفِ ركعة، وختمت عليها القرآن في جوف الكعبة مرات، قال: فأخذها والدي وقَبَّلها، ووضعها على رأسه، وقَبِلها منه مبتهجًا بها.
فلما كان آخر النهار، حضر عندنا رجلٌ من أهل أصبهان، فتحدث عندنا، إلى أن اتفق أنه قال: كان الفقيه المغربي الذي عندكم اليوم في السوق، فاشترى سجادة حسنةً بكذا وكذا، فأمر والدي بإحضار السجادة، فقال الرجل: إي والله هذه هي، فسكت والدي، وسقط ابنُ دحية من عينه.
وأرخ وفاته في ربيع الأول سنة ثلاث وثلاثين وست مئة.
ومن تركيبات ابن دحية، أنه حدّث "بصحيح" مسلم بسماعه له، زَعَم من