للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال أبو إسماعيل الأنصاري: سمعت عبد الصمد بن محمد بن محمد يقول: سمعت أبي يقول: أنكروا على ابن حبان قولَه: "النبوةُ: العلمُ والعَمَل"، وحكموا عليه بالزندقة، وهُجِر، وكُتِب فيه إلى الخليفة فأمر بقتله، وسمعتُ غيره يقول: لذلك أُخرِج إلى سمرقَنْد.

قلت: لقوله محملٌ سائغٌ إن كان عَنَاه، أي: عمادُ النبوةِ العلمُ والعَمَلُ، لأن الله تعالى لم يُؤتِ النبوةَ والوحيَ إلَّا من اتصف بهذين النعتين، وذلك لأن النبيَّ يصير بالوحي عالمًا، ويلزم من وجود العلم الإلهي العملُ الصالح، فصَدَق بهذا الاعتبار قولُه، النبوةُ: العِلْمُ اللَّدُني، والعمل: المقرِّبُ إلى الله.

فالنبوة إذًا تفسَّر بوجود هذين الوصفين الكاملين، ولا سبيل إلى تحصيل هذين الوصفين بكمالهما إلَّا بالوحي الإِلهي، إذ الوحي الإِلهي علمٌ يقيني ما فيه ظَنّ، وعلمُ غير الأنبياء: منه يقينيٌّ، وأكثره ظَنِّي.

ثم النبوة ملازمة للعِصْمة، ولا عصمة لغيرهم ولو بَلَغ في العلم ما بلغ، والخبر عن الشيء يصدَّق ببعض أركانه وأهم مقاصده، غير أنا لا نسوِّغ لأحد إطلاقَ هذا إلَّا بقرينة، كقوله : "الحجُّ عرفة".

وإن كان عنى الحَصْرَ، أي ليس هي إلَّا العلم والعمل، فهذه زندقة وفلسفة. مات سنة أربع وخمسين وثلاث مئة، انتهى.

قال أبو سعد الإِدريسي في "تاريخ سمرقند": أبو حاتم محمد بن حبان بن أحمد بن حبان بن معاذ بن مَعْبد بن مُرَّة بن هَدِيَّة بن سَعْد (١) التِّمِيمي الدارمي.


(١) سياف المصنف لهذا النَّسب ليس بمستقيم، وفيه اختصار وقَلْب، والنسب كاملًا كما ساقه ابن ماكولا في "الإِكمال" هكذا: لامحمد بن حبان بن أحمد بن حبان بن معاذ بن معبد بن سعيد بن سَهِيْد بن هَدِيَّة بن مُرَّة بن سَعْد بن يزيد بن مُرَّة بن زيد بن عبد الله بن دارم بن مالك بن حنظلة بن مالك بن زيد مَناة بن تميم".
وساقه الذهبي هكذا في "السير"، إلَّا أنه لم يذكر "سعيدًا" بين معبد وسَهِيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>