وقال تعالى (وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ).
وقد روى الترمذي في جامعه عن عائشة رضي الله عنها قالت: سألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن هذه الآية، فقلت: أهم الذين يشربون الخمر ويزنون ويسرقون؟ قال: لا، يا ابنة الصديق، ولكنهم الذين يصومون ويصلون ويتصدقون ويخافون أن لا يتقبل منهم، أولئك يسارعون في الخيرات).
والله سبحانه وصف أهل السعادة بالإحسان مع الخوف، ووصف الأشقياء بالإساءة مع الأمن.
وقال تعالى (إنَّ الَذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ).
قال ابن القيم: والله سبحانه وصف أهل السعادة بالإحسان مع الخوف ووصف الأشقياء بالإساءة مع الأمن.
قال تعالى (وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الحِسَابِ).
ثم قال: ومن تأمل أحوال الصحابة وجدهم في غاية العمل مع غاية الخوف، ونحن جمعنا بين التقصير - بل التفريط - والأمن، فهذا الصديق يقول: وددت أني شعرة في جنب عبد مؤمن.
وذكر عنه أنه كان يمسك لسانه ويقول: هذا الذي أوردني الموارد.
وكان يبكي كثيراً ويقول: ابكوا، فإن لم تبكوا فتباكوا.
وكان إذا قام إلى الصلاة كأنه عود من خشية الله عز وجل.
وهذا عمر قرأ سورة الطور حنى بلغ (إن عذاب ربك لواقع) بكى واشتد بكاؤه حتى مرض وعادوه.
وكان في وجهه خطان أسودان من البكاء.
وهذا عثمان كان إذا وقف على القبر يبكي حتى تبتل لحيته.
وهذا علي اشتد بكاؤه وخوفه من اثنتين: طول الأمل واتباع الهوى.
وكان عبد الله بن عباس أسفل عينيه مثل الشّراك البالي من الدموع.
وكان أبو ذر يقول: يا ليتني كنت شجرة تعضد وددت أني لم أخلق.