وقال ابن أبي مليْكة: أدركت ثلاثين من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- كلهم خاف على نفسه النفاق ما منهم أحد يقول: إنه على إيمان جبريل وميكائيل.
وقال الحسن: ما خافه إلا مؤمن ولا أمنه إلا منافق.
وقال إبراهيم التيمي: ما عرضت قولي على عملي إلا خشيت أن أكون مكذباً.
(فَلَمَّا وَضَعَتْهَا) أي: وضعت أنثى.
(قَالَتْ) على وجه الاعتذار.
(رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى) لأنه ليس من العادة أن الأنثى تخدم المسجد.
قال ابن عباس: إنما قالت هذا لأنه لم يكن يقبل في النذر إلا الذكور فقبل الله مريم.
• قال الرازي: اعلم أن الفائدة في هذا الكلام أنه تقدم منها النذر في تحرير ما في بطنها، وكان الغالب على ظنها أنه ذكر فلم تشترط ذلك في كلامها، وكانت العادة عندهم أن الذي يحرر ويفرغ لخدمة المسجد وطاعة الله هو الذكر دون الأنثى فقالت (رَبّ إِنّي وَضَعْتُهَا أنثى) خائفة أن نذرها لم يقع الموقع الذي يعتمد به ومعتذرة من إطلاقها النذر المتقدم فذكرت ذلك لا على سبيل الإعلام لله تعالى، تعالى الله عن أن يحتاج إلى إعلامها، بل ذكرت ذلك على سبيل الاعتذار.
(وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ) قرئ برفع التاء على أنها تاء المتكلم، وأن ذلك من تمام قولها، وقُرئ بتسكين التاء على أنه من قول الله عز وجل.
• قال الآلوسي: قوله تعالى (والله أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ) ليس المراد الرد عليها في إخبارها بما هو سبحانه أعلم به كما يتراءى من السياق بل الجملة اعتراضية سيقت لتعظيم المولود الذي وضعته وتفخيم شأنه والتجهيل لها بقدره أي والله أعلم بالشيء الذي وضعته وما علق به من عظائم الأمور ودقائق الأسرار وواضح الآيات، وهي غافلة عن ذلك كله.