• قال ابن عادل: قوله تعالى (والله أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ) قرأ ابن عامر وأبو بكر " وَضَعْتُ " بتاء المتكلم - وهو من كلام أمِّ مَرْيَمَ خاطبت بذلك نفسَها؛ تَسَلِّياً لها واعتذاراً للهِ تعالى؛ حيث أتت بمولود لا يصلح لما نذرته من سدانة بيت المقدس.
• وقرأ الباقون (وَضَعَتْ) بتاء التأنيث الساكنةِ - على إسناد الفعل لضمير أم مريم، وهو من كلام الباري تعالى.
قال الزمخشريُّ: ولتكلُّمها بذلك على وجه التحسُّر والتحزُّن قال الله تعالى (والله أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ) تعظيماً لموضوعها، وتجهيلاً لها بقدر ما وُهِبَ لها منه، ومعناه: والله أعلم بالشيء الذي وضعت، وما علق به من عظائم الأمور، وأن يجعله وولده آيةً للعالمين، وهي جاهلة بذلك لا تعلم منه شيئاً فلذلك تحسرت.
(وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى) أي: في القوة والجَلَد في العبادة وخدمة المسجد الأقصى.
فالذكر يصح أن يستمر على خدمة موضع العبادة، ولا يصح ذلك في الأنثى لمكان الحيض وسائر عوارض النسوان.
والذكر يصلح لقوته وشدته للخدمة دون الأنثى فإنها ضعيفة لا تقوى على الخدمة.
و الذكر لا يلحقه عيب في الخدمة والاختلاط بالناس وليس كذلك الأنثى.
والذكر لا يلحقه من التهمة عند الاختلاط ما يلحق الأنثى فهذه الوجوه تقتضي فضل الذكر على الأنثى في هذا المعنى.
(وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ) أي: أسميت هذه الأنثى مريم.
• قال الرازي: أن ظاهر هذا الكلام يدل على ما حكينا من أن عمران كان قد مات في حال حمل حنة بمريم، فلذلك تولت الأم تسميتها، لأن العادة أن ذلك يتولاه الآباء.
ثم قال: أن مريم في لغتهم: العابدة، فأرادت بهذه التسمية أن تطلب من الله تعالى أن يعصمها من آفات الدين والدنيا.
• قال ابن كثير: فيه دلالة على جواز التسمية يوم الولادة كما هو الظاهر من السياق؛ لأنه شرع من قبلنا، وقد حكي مقررًا، وبذلك ثبتت السنة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حيث قال (وُلِدَ لِي اللَّيْلَةَ وَلَد سَمَّيْتُهُ بِاسْمِ أبِي إبْرَاهِيمَ". أخرجاه.