وكذلك ثبت فيهما (أن أنس بن مالك ذهب بأخيه، حين ولدته أمه، إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فَحَنَّكه وسماه عبد الله).
وفي صحيح البخاري (أن رجلا قال: يا رسول الله، وُلِدَ لي وَلَد، فما أُسمِّيه؟ قال:"اسْم وَلدِك عَبْد الرَّحْمَنِ).
(وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ) أي: عَوَّذتها بالله، عز وجل، من شر الشيطان، وعوذت ذريتها، وهو ولدها عيسى، عليه السلام. فاستجاب الله لها ذلك.
عن أبي هريرة، -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (مَا مِن مَوْلُودٍ يُولَدُ إلا مَسَّه الشَّيْطَانُ حِينَ يُولَدُ، فَيَسْتَهِلّ صَارخًا مِنْ مَسِّهِ إيَّاهُ، إلا مَرْيَمَ وابْنَهَا". ثم يقول أبو هريرة: اقرأوا إن شئتم: وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ) متفق عليه.
• وذريتها: لم يكن لها ذرية إلا عيسى.
(فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ) يخبر ربنا أنه تقبلها من أمها نذيرة، وأنه:
(وَأَنْبَتَهَا نَبَاتاً حَسَناً) أي: جعلها شكلاً مليحاً ومنظراً بهيجاً، ويَسر لها أسباب القبول، وقرنها بالصالحين من عباده تتعلم منهم الخير والعلم والدين.
(وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا) وإنما قدر الله كون زكريا كافلها لسعادتها، لتقتبس منه علماً جماً نافعًا وعملا صالحًا؛ ولأنه كان زَوْجَ خالتها، على ما ذكره ابن إسحاق وابن جرير وغيرهما، وقيل: زوج أختها، كما ورد في الصحيح (فإذا بِيحيى وعِيسَى، وَهُمَا ابْنَا الخَالَةِ).
• قال ابن عاشور: عد هذا في فضائل مريم، لأنه من جملة ما يزيد فضلها، لأن أبا التربة يكسب خلقه وصلاحه مرباه.
(كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ) وهو مكان العبادة، وليس هو المحراب الموجود في المساجد الآن.
• قال ابن عاشور: والمحراب بناء يتخذه أحد ليخلو فيه بتعبده وصلاته، وأكثر ما يتخذ في علو يرتقي إليه بسلم أو درج، وهو غير المسجد.