• وأما العصاة لمسلمين:
فلعنهم جملة جائز ولا بأس.
قال تعالى (لعنة الله على الظالمين).
وقال تعالى (لعنة الله على الكاذبين).
وقال -صلى الله عليه وسلم- (لعن الله السارق … ) وقال -صلى الله عليه وسلم- (لعن الله آكل الربا … ).
• وأما العاصي المعين: فلا يجوز لعنه اتفاقاً.
للحديث السابق (حيث كان يؤتى به ويجلد في شرب الخمر، قال -صلى الله عليه وسلم-: لا تلعنوه، وفي رواية: لا تكونوا أعواناً للشيطان على أخيكم).
(خَالِدِينَ فِيهَا) قال في التسهيل: قوله تعالى (خالدين فِيهَا) الضمير عائد على اللعنة، وقيل: على النار وإن لم تكن ذكرت؛ لأنّ المعنى يقتضيها.
ورجح الرازي الأول وقال: والأول أولى لوجوه.
الأول: أن الضمير إذا وجد له مذكور متقدم فرده إليه أولى من رده إلى ما لم يذكر.
الثاني: أن حمل هذا الضمير على اللعنة أكثر فائدة من حمله على النار، لأن اللعنة هو الإبعاد من الثواب بفعل العقاب في الآخرة وإيجاده في الدنيا، فكان اللعن يدخل فيه النار وزيادة فكان حمل اللفظ عليه أولى.
الثالث: أن قوله (خالدين فِيهَا) إخبار عن الحال، وفي حمل الضمير على اللعن يكون ذلك حاصلاً في الحال، وفي حمله على النار لا يكون حاصلاً في الحال، بل لا بد من التأويل؛ فكان ذلك أولى.
(لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ) أي: لا يخفف عنهم طرفة عين. بل هو دائم متواصل.
كما قال تعالى (وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ)
وقال تعالى (إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ. لا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُون).
وقال تعالى (يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ).
(وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ) أي: ولا يُمهلون أو يؤجلون، بل يكون حاضراً متصلاً بعذاب مثله فكأنه تعالى أعلمنا أن حكم دار العذاب والثواب بخلاف حكم الدنيا فإنهم يمهلون فيها إلى آجال قدرها الله تعالى، وفي الآخرة لا مهلة ألبتة فإذا استمهلوا لا يمهلون، وإذا استغاثوا لا
يغاثون وإذا استعتبوا لا يعتبون، وقيل لهم (اخسئوا فِيهَا وَلَا تُكَلّمُونِ).
وقيل: هو من النظر أي: لا ينظر الله إليهم فيرحمهم.