للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• قال ابن عطية: قوله تعالى (كل الطعام كان حلاً … ) إخبار بمغيب عن محمد -صلى الله عليه وسلم- وجميع الأميين لا يعلمه إلا الله وعلماء أهل الكتاب، وذهب كثير من المفسرين إلى أن معنى الآية: الرد على اليهود في قولهم في كل ما حرموه على أنفسهم من الأشياء: إنها محرمة عليهم بأمر الله في التوراة، فأكذبهم الله بهذه الآية، وأخبر أن جميع الطعام كان حلاً لهم، إلا ما حرم إسرائيل على نفسه خاصة، ولم يرد به ولده، فلما استنوا هم به جاءت التوراة بتحريم ذلك عليهم، وليس من التوراة شيء من الزوائد التي يدعون أن الله حرمها.

• وقال في التسهيل: الآية إخبار أن الأطعمة كانت حلالاً لبني إسرائيل (إِلاَّ مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ) أبوهم يعقوب (على نَفْسِهِ) وهو لحم الإبل ولبنها، ثم حُرِّمت عليهم أنواع من الأطعمة كالشحوم وغيرها، عقوبة لهم على معاصيهم، وفيها رد عليهم في قولهم: إنهم على ملة إبراهيم -عليه السلام-، وأن الأشياء التي هي محرمة كانت محرمة على إبراهيم، وفيها دليل على جواز النسخ ووقوعه؛ لأن الله حرم عليهم تلك الأشياء بعد حلها، خلافاً لليهود في قولهم: إنّ النسخ محال على هذه الأشياء، وفيها معجزة للنبي -صلى الله عليه وسلم-؛ لإخباره بذلك من غير تعلم من أحد، وسبب تحريم إسرائيل لحوم الإبل على نفسه أنه مرض، فنذر إن شفاه الله. أن يحرم أحب الطعام إليه شكراً لله وتقرّباً إليه، ويؤخذ من ذلك أنه يجوز للأنبياء أن يحرموا على أنفسهم باجتهادهم. … (التسهيل)

• قال السعدي: وهذا من أعظم الأدلة على صحة نبوة نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- وقيام الآيات البينات المتنوعات على صدقه وصدق من نبأه وأخبره بما أخبره به من الأمور التي لا يعلمها إلا بإخبار ربه له به.

• قال ابن كثير: الآية مشروع في الرد على اليهود، وبيان بأن النسخ الذي أنكروا وقوعه وجوازه قد وقع، فإن اللّه تعالى قد نص في كتابهم التوراة أن نوحاً -عليه السلام- لما خرج من السفينة أباح اللّه له جميع دواب الأرض يأكل منها، ثم بعد هذا حرم إسرائيل على نفسه لحوم الإبل وألبانها فاتبعه بنوه فيما حرم على نفسه، وجاءت التوراة بتحريم ذلك، وبتحريم أشياء زيادة على ذلك - عقوبة لهم بسبب بغيهم وظلمهم. وهذا هو النسخ بعينه.

<<  <  ج: ص:  >  >>