للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• قال الرازي: قوله تعالى (وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ) في موضع الحال، وإنما كانوا أذلة لوجوه:

الأول: أنه تعالى قال (وَلِلَّهِ العزة وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ) فلا بد من تفسير هذا الذل بمعنى لا ينافي مدلول هذه الآية، وذلك هو تفسيره

بقلة العدد وضعف الحال، وقلة السلاح والمال، وعدم القدرة على مقاومة العدو، ومعنى الذل الضعف عن المقاومة ونقيضه العز وهو القوة والغلبة، روي أن المسلمين كانوا ثلثمائة وبضعة عشر، وما كان فيهم إلا فرس واحد، وأكثرهم كانوا رجالة، وربما كان الجمع منهم يركب جملاً واحداً، والكفار قريبين من ألف مقاتل ومعهم مائة فرس مع الأسلحة الكثيرة والعدة الكاملة.

الثاني: لعل المراد أنهم كانوا أذلة في زعم المشركين واعتقادهم، لأجل قلة عددهم وسلاحهم، وهو مثل ما حكى الله عن الكفار أنهم قالوا (لَيُخْرِجَنَّ الأعز مِنْهَا الأذل).

• وقال القرطبي: (أذِلة) جمع ذليل، واسم الذل في هذا الموضع مستعار، ولم يكونوا في أنفسهم إلاَّ أعِزّة، ولكن نسبتهم إلى عدوّهم وإلى جميع الكفار في أقطار الأرض تقتضي عند التأمل ذِلّتهم وأنهم يُغلبون.

(فَاتَّقُوا اللَّهَ) أي: بهذا النصر الذي نصركم الله يجب عليكم أن تتقوا الله.

والتقوى: اتخاذ وقاية من عذاب الله بفعل أوامره واجتناب نواهيه.

(لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (لعل) هنا للتعليل، أي: لأجل أن تشكروا الله الذي أنعم عليكم بنصره.

[الفوائد]

١ - امتنان الله على رسوله -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه بنصرهم في بدر.

٢ - أن النصر بيد الله.

٣ - وجوب الاعتماد على الله بالنصر على الأعداء.

٤ - أن النصر لا يكون بكثرة العَدَد ولا بقوة العُدَد بل هو من عند الله.

٥ - أن مَن منّ الله عليه بنعمة كان ذلك موجباً لتقوى الله.

٦ - أن تقوى الله من الشكر لله.

<<  <  ج: ص:  >  >>