• قال الشيخ ابن عثيمين: المراد علم ظهور أو علم يترتب عليه الجزاء، لأن علم الله الكائن في الأزل لا يترب عليه الجزاء حتى يُمتحن العبد ويُنظر.
ونظير هذه الآية: قوله تعالى قوله تعالى (أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الجنة وَلَمَّا يَعْلَمِ الله الذين جاهدوا مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصابرين) وقوله (وَلَقَدْ فَتَنَّا الذين مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ الله الذين صَدَقُواْ وَلَيَعْلَمَنَّ الكاذبين) وقوله (لِنَعْلَمَ أَيُّ الحِزْبَيْنِ أحصى لِمَا لَبِثُواْ أَمَدًا) وقوله (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حتى نَعْلَمَ المجاهدين مِنكُمْ والصابرين) وقوله (إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرسول).
(وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ) أي: يُقتلون في سبيله، ويَبذلون مُهَجهم في مرضاته.
وهذه حكمة أخرى من حكم إدالة العدو عليهم يوم أحد، وهي أن يتخذ منهم شهداء، فإن منزلة الشهادة منزلة عليّة في الجنة ولا بد من الموت، فموت العبد شهيداً أكمل له وأعظم لأجره وثوابه، ويكفّر عنه بالشهادة ذنوبه وظلمه لنفسه.
• قال ابن القيم: الشهادة عنده تعالى من أعلى مراتب أوليائه، والشهداء هم خواصه المقربون من عباده، وليس بعد درجة الصديقيّة إلا الشهادة، وهو سبحانه يحب أن يتخذ من عباده شهداء، تُراق دماؤهم في محبته ومرضاته، ويُؤثرون رضاه ومحابه على نفوسهم، ولا سبيل إلى نيل هذه الدرجة إلا بتقدير الأسباب المفضية إليها من تسليط العدو.
وقال رحمه الله: فإن الشهادة درجة عالية عنده، ومنزلة رفيعة لا تُنال إلا بالقتل في سبيله، فلولا إدالة العدو لم تحصل درجة الشهادة التي هي من أحب الأشياء إليه، وأنفعها للعبد.
(وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) قال ابن عباس رضي الله عنهما: أي المشركين، لقوله تعالى (الشرك لَظُلْمٌ عَظِيمٌ).
قيل: فيه إشارة إلى أنه تعالى إنما يؤيد الكافرين على المؤمنين لما ذكر من الفوائد، لا لأنه يحبهم.
(وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا) وهذه من حكَم إدالة العدو، وهي تمحيص الذين آمنوا، وهو تنقيتهم وتخليصهم من الذنوب، ومن آفات النفوس، وأيضاً: فإنه خلصهم ومحصهم من المنافقين، فتميزوا منهم، فحصل لهم تمحيصان: تمحيص من نفوسهم، وتمحيص ممن كان