للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• الحكمة من تحريم الوصية بأكثر من الثلث:

منع الرسول -صلى الله عليه وسلم- سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- من الوصية بأكثر من الثلث، فقال -عليه السلام-: (إِنَّكَ أَنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ) رواه البخاري ومسلم.

وقد أشار الرسول -صلى الله عليه وسلم- في الحديث إلى الحكمة من هذا المنع، وهي أن يترك المال للورثة، فلا يحتاجون معه لسؤال الناس، وأن هذا خير له من أن يوصي ثم يترك ورثته فقراء.

فأراد الرسول -صلى الله عليه وسلم- بذلك: تحقيق العدل بين الوصية وبين حق الورثة في المال، وإذا كان الموصي يريد بالوصية الثواب، فإن تركه المال لورثته الفقراء المحتاجين إليه أكثر ثواباً، فإن إعطاء القريب الفقير أفضل من إعطاء من ليس قريباً.

ولهذا يستحب لمن كان ورثته فقراء، وكان ماله قليلاً بحيث لا يغني الورثة، يستحب له أن لا يوصي، ويترك المال لورثته.

(أَوْ دَيْنٍ) أي: وبعد الدين، فلا تقسم التركة إلا بعد الوصية والدين.

• قال الرازي: إنه تعالى لما ذكر أنصباء الأولاد والوالدين، قال (مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِى بِهَا أَوْ دَيْنٍ) أي هذه الأنصباء إنما تدفع إلى هؤلاء إذا فضل عن الوصية والديْن، وذلك لأن أول ما يخرج من التركة الدين، حتى لو استغرق الدين كل مال الميت لم يكن للورثة فيه حق، فأما إذا لم يكن دين، أو كان إلا أنه قضى وفضل بعده شيء، فإن أوصى الميت بوصية أخرجت الوصية من ثلث ما فضل، ثم قسم الباقي ميراثاً على فرائض الله.

• والدين كل ما ثبت في الذمة من قرض أو أجرة أو ثمن مبيع أو نحوها.

• والمعنى: أن الميراث يقسم بين الورثة بعد إخراج ما يوجد من وصية شرعية أوصى بها الميت، أو دين كان عليه لله أو للآدميين، أو إخراجهما معاً إن وجدا جميعاً.

• قوله (مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ) قدم الله سبحانه وتعالى الوصية على الدين، وقد أجمع العلماء على أن الدين مقدم على الوصية.

مثال: مات شخص وخلف (٣٠) ألف ريال، وعليه دين (٣٠) ألف وعنده وصية ألف ريال، فهنا نعطي المال لصاحب الدين وتسقط الوصية والورثة، لأن الدين استغرق التركة.

<<  <  ج: ص:  >  >>