وقد أشار الحديث إلى الحكمة من منع الوصية للوارث، وهي: أنه يأخذ بذلك أكثر من الحق الذي جعله الله له في الميراث، فكان في الوصية للوارث زيادة على ما شرعه الله.
وذكر ابن قدامة رحمه الله في (المغني) حكمة أخرى، حاصلها: أن هذا التفضيل لبعض الورثة سيكون على حساب سائر الورثة، مما قد يكون سبباً لإيقاع العداوة والحسد بينهم.
وقال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله: منع الإسلام الوصية للوارث لأنه من تعدي حدود الله عز وجل، فإن الله عز وجل حدد الفرائض والمواريث بحدود قال فيها:(تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ).
فإذا كان للإنسان بنت وأخت شقيقة مثلاً فإن من المعلوم أن للبنت النصف فرضاً، وللأخت الشقيقة الباقي تعصباً، ولو أوصى للبنت في مثل هذه الحال بثلث ماله مثلاً لكان معنى ذلك أن البنت ستأخذ الثلثين، والأخت ستأخذ الثلث فقط، وهذا تعدي لحدود الله.
وكذلك لو كان ابنان، فإن من المعلوم أن المال بينهما نصفان، فلو أوصى لأحدهما بالثلث مثلاً صار المال بينهما أثلاثاً، وهذا من تعدي حدود الله، فلذلك كانت حراماً؛ لأنها لو أجيزت ما كان لتحديد المواريث فائدة، ولكان الناس يتلاعبون، وكُلٌّ يوصي لمن شاء فيزداد نصيبه من التركة ويَحْرِم من يشاء فينقص نصيبه.