للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• والجنات جمع جنة، والجنة في لغة العرب: البستان، لأن أشجاره الملتفة تجن الداخل فيه، وجاء إطلاق الجنة على البستان في القرآن في قوله (إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ) أي البستان، وفي قوله (وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ).

وأما في الاصطلاح: فهي الدار التي أعدها الله لأوليائه، فيها مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.

• قوله تعالى (جنات) دليل على أن الجنات أنوع، كما قال تعالى (ولمن خاف مقام ربه جنتان) ثم قال تعالى (ومن دونهما جنتان) وقال -صلى الله عليه وسلم- (جنتان من فضة آنيتهما وما فيهما، وجنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما).

• قال الشيخ ابن عثيمين: (جنات) بالجمع، وأحياناً يقال بالإفراد (جنة)، فإذا كانت بالإفراد فالمراد بها مطلق الجنس، وإذا قيلت بالجمع فالمراد بها أنواع الجنات.

(تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ) أي من تحت أشجارها.

• قال ابن الجوزي: أي من تحت شجرها لا من تحت أرضها.

• قال ابن عاشور: وأكمل محاسن الجنات جريان المياه في خلالها وذلك شيء اجتمع البشر كلهم على أنه من أنفس المناظر، لأن في الماء طبيعة الحياة، ولأن الناظر يرى منظراً بديعاً وشيئاً لذيذاً.

• قال ابن القيم: وهذا يدل على أمور:

أحدها: وجود الأنهار فيها. الثاني: أنها جارية لا واقفة. الثالثة: أنها تحت غرفهم وقصورهم وبساتينهم كما هو المعهود في أنهار الدنيا.

• وهذه الأنهار جاء تسميتها في قوله تعالى (مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفّىً).

• قال ابن القيم: فذكر سبحانه هذه الأجناس الأربعة ونفى عن كل واحد منها الآفة التي تعرض له في الدنيا.

فآفة الماء أن يأسن ويأجن من طول مكثه، وآفة اللبن أن يتغير طعمه إلى الحموضة وأن يصير قارصاً، وآفة الخمر كراهة

مذاقها المنافي للذة شربها، وآفة العسل عدم تصفيته، وهذا من آيات الرب سبحانه وتعالى أن تجري أنهار من أجناس لم تجر العادة في الدنيا بإجرائها، ويجريها في غير أخدود، وينفي عنها الآفات التي تمنع كمال اللذة بها، كما ينفي عن خمر الجنة جميع آفات خمر الدنيا من الصداع والغول واللغو.

<<  <  ج: ص:  >  >>