• قال الشنقيطي: قوله تعالى (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسجدوا لآدَمَ) لم يبين هنا هل قال لهم ذلك قبل خلق آدم أَو بعد خلقه؟ وقد صرح في سورة الحجر وص؛ بأنه قال لهم ذلك قبل خلق آدم، فقال في الحجر (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلآئِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِّن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ)، وقال في سورة ص (إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِّن طِينٍ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ).
• إبليس سمي بذلك لأنه أبلَسَ من رحمة الله: أي أيس منها يأساً لا رجاء بعده.
• قوله تعالى (فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى … ) لم يبين سبب رفض واستكبار إبليس عن السجود لكنه بينه تعالى في آيات أخرى كقوله تعالى (قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ أنا خير).
وهذا قياس فاسد لأمور:
أولاً: أنه في مقابلة النص، وأي قياس في مقابلة النص فاسد الاعتبار.
ثانياً: أنا لا نسلم أن النار خير من الطين، بل الطين خير من النار، لأن طبيعتها الطيش والإفساد والتفريق، وطبيعته الرزانة والإصلاح.
ثالثاً: أنا لو سلمنا تسليماً جدلياً أن النار خير من الطين، فإنه لا يلزم من ذلك أن إبليس خير من آدم، لأن شرف الأصل لا يقتضي شرف الفرع.
• قوله تعالى: (فسجدوا إلا إبليس) استدل بها بعض العلماء على أن إبليس من الملائكة، وهذه المسألة اختلف فيها العلماء على قولين:
القول الأول: أن إبليس ليس من الملائكة بل هو من الجن.
أ- للآية التي في سورة الكهف (إلا إبليس كان من الجن) والجن غير الملائكة، وهذا نص قرآني صريح في محل النزاع.
ب- ولأن الملائكة معصومين من ارتكاب الكفر الذي ارتكبه إبليس كما قال تعالى عنهم (لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ).
ج- ولقوله -صلى الله عليه وسلم- (خلقت الملائكة من نور، وخلق الجان من مارج من نار) رواه مسلم.
د- أن إبليس له نسل وذرية قال الله تعالى (أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو).
وقالوا إن استثناء الله إياه منهم لا يدل على كونه من جملتهم، وإنما استثناه منهم، لأنه كان مأموراً بالسجود معهم، فلما دخل معهم في الأمر جاز إخراجه بالاستثناء منهم.