القول الثاني: أنه أصله كان من الملائكة. ونسب هذا القول القرطبي لجمهور العلماء.
قال القاسمي: قاله ابن عباس، وابن مسعود، وسعيد بن المسيب، واختاره الشيخ موفق الدين، والشيخ أبو الحسن الأشعري، وأئمة المالكية، وابن جرير الطبري. قال البغوي: هذا قول أكثر المفسرين.
لأنه سبحانه أمر الملائكة بالسجود لآدم. قال تعالى:(وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ) فلولا أنه من الملائكة، لمَا توجه الأمر إليه بالسجود، ولو لم يتوجه الأمر إليه بالسجود لم يكن عاصياً، ولما استحق الخزي والنكال.
وقالوا: فإخراجه بالاستثناء منهم دليل على أنه منهم.
• قال الماوردي: وعلى قول من يقول: إن إبليس كان من الملائكة، فاختلفوا في قوله تعالى (إِلاَّ إِبْلِيسَ كان مِنَ الْجِنِّ) لِمَ سماه الله تعالى بهذا الاسم، على أربعة أقاويل:
أحدها: أنهم حي من الملائكة يُسَمَّوْن جنّاً كانوا من أشدِّ الملائكة اجتهاداً، وهذا قول ابن عباس.
والثاني: أنه جعل من الجنِّ، لأنه من خُزَّانِ الجنَّةِ، فاشتق اسمه منها، وهذا قول ابن مسعود.
والثالث: أنه سمي بذلك لأنه جُنَّ عن طاعة ربِّه، وهذا قول ابن زيدٍ.
والرابع: أن الجِنِّ لكلِّ ما اجْتَنَّ فلم يظهر، حتى إنهم سَمَّوُا الملائكة جناً لاستتارهم، وهذا قول أبي إسحاق.