(اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ) أي: من زوجاتكم اللاتي جامعتموهن، فالمراد بالدخول هنا الجماع، وهذا قول الجمهور، بل حكى الطبري الإجماع على أن المراد بالدخول هنا الإجماع.
مثال: لو كان لك زوجة ولها بنت من رجل آخر، فهذه البنت حرام عليك.
لكن لا يقع التحريم إلا بالدخول وهو الجماع، فإن حصل الفراق قبل الجماع فلا تحرم.
• فالربيبة تحرم بالدخول بالزوجة (وهو الجماع) فلا تحرم بمجرد العقد، ولهذا قال تعالى:
(فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ) أي: فإن لم تكونوا دخلتم بهن وفارقتموهن قبل الجماع، فلا جناح عليكم ولا حرج في نكاح الربيبة.
• قال القرطبي: قوله تعالى (فَإِن لَّمْ تَكُونُواْ دَخَلْتُمْ بِهِنَّ) يعني بالأُمهات (فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ) يعني في نكاح بناتهنّ إذا طلقتموهنّ أو متْنَ عنكم.
وأجمع العلماء على أن الرجل إذا تزوّج المرأة ثم طلقها أو ماتت قبل أن يدخل بها حلّ له نكاحُ ابنتها. (تفسير القرطبي).
(وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ) أي: وحرّم عليكم نكاح زوجات أبنائكم الذين ولدتموهم من أصلابكم.
• قوله تعالى (وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ) جمع حليلة وهي الزوجة سميت بذلك لأنها تحل للزوجة والمعنى: حرم عليكم زوجات أبنائكم.
• قال القرطبي: قوله تعالى (وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ) الحلائِل جمع حَلِيلة، وهي الزوجة، سُميت حليلة لأنها تَحِل مع الزوج حيث حلّ؛ فهي فعيلة بمعنى فاعلة، وذهب الزجاج وقوم إلى أنها من لفظة الحلال؛ فهي حليلة بمعنى محلّلة، وقيل: لأن كل واحد منهما يَحُل إزار صاحبه.
• وزوجة الابن حرام على الأب بمجرد عقد الابن عليها، سواء دخل بها أو لم يدخل بها.
• قوله تعالى (الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ) هذا القيد لإخراج الأدعياء الذين كانوا يتبنونهم في الجاهلية، كما تبنى النبي -صلى الله عليه وسلم- قبل بعثته زيد بن حارثة فكان يقال: زيد بن محمد حتى أبطل الإسلام التبني، وعليه: فنكاح زوجات أبناء التبني حلال.
وذهب بعض العلماء إلى أن القيد (الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ) لإخراج الأبناء من الرضاع، فلا تحرم زوجاتهم على آبائهم من الرضاع، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، ووجه هذا القول: أن التبني قد أبطله الإسلام وانتهى حكمه، فلم يرد الاحتراز منه، ولأن ابن التبني ليس ابناً لمن تبناه لا حقيقة ولا شرعاً ولا عرفاً.
(وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ) أي: وحرّم عليكم الجمع بين الأختين، سواء كن شقيقتين أو لأم أو مختلفتين من النسب أو الرضاع.
• قال ابن جرير: معناه: وحرم عليكم أن تجمعوا بين الأختين عندكم بنكاح.
• قال ابن كثير: وقد أجمع العلماء من الصحابة والتابعين والأئمة قديماً وحديثاً على أنه يحرم الجمع بين الأختين في النكاح.
• قال الحافظ ابن حجر: والجمع بين الأختين في التزويج حرام بالإجماع، سواء كانت شقيقتين أم من أب أم من أم، وسواء البنت من الرضاع.