• قال الرازي: اتفقوا على أن نكاح الأمة بدون إذن سيدها باطل، ويدل عليه القرآن والقياس.
أما القرآن فهو هذه الآية فإن قوله تعالى (فانكحوهن بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ) يقتضي كون الإذن شرطا في جواز النكاح، وإن لم يكن النكاح واجبا.
وأما القياس: فهو أن الأمة ملك للسيد، وبعد التزوج يبطل عليه أكثر منافعها، فوجب أن لا يجوز ذلك إلا بإذنه.
(وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) أي: وأعطوهن مهورهن، وسمي المهر أجراً، لأنه في مقابلة منفعة البضع
• والمهر إنما يعطى لسيد الأمة، وإنما أضيف إليهن إضافة اختصاص لا إضافة تمليك، كما يقال: سرج الدابة، أو لأنهن السبب في حصول هذه المهور لأسيادهن، لأن الأمَة لا تملك.
• قوله تعالى (بالمعروف) عادة عند الناس من حيث كونه مثل مهر أمثالهن من الإماء، وعن طيب نفس منكم من غير منٍّ ولا مماطلة أو بخس منه، استهانة بهن لكونهن إماءً مملوكات، فتقول هذه أمَة فتماطل بمهرها أو تمنَّ به عليها.
(محْصَنَاتٍ) أي: متعففات بالزواج الشرعي عن الزنا، لأن الله ذكر مقابل هذا (غير مسافحات) وذكر قبله (فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ) فصح حمل معنى (محصنات) على المعنيين العفة والزواج الشرعي.
(غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ) أي: غير زانيات، وسبق لماذا سمي الزنا سفاحاً.
(وَلا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ) أي: ولا حال كونهن متخذات أخدان (متخذات) أي: جاعلات (أخدان) جمع خِدْن، وهو الصديق والخليل والصاحب في السر، تتخذه المرأة يزني بها سراً دون غيره.
(فَإِذَا أُحْصِنَّ) الصحيح من أقوال أهل العلم أن معنى (فَإِذَا أُحْصِنَّ) أي: تزوجن، فحصنّ أنفسهن وحصنهن أزواجهن بذلك، وقيل: بمعنى (فَإِذَا أُحْصِنَّ) أي: أسلمن.
• قال ابن كثير: والأظهر - والله أعلم - أن المراد بالإحصان ههنا التزويج، لأن سياق الآية يدل عليه حيث يقول سبحانه وتعالى (وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ)، والآية الكريمة سياقها كلها في الفتيات المؤمنات، فتعين أن المراد بقوله (فَإِذَا أُحْصِنَّ) أي: تزوجن كما فسره ابن عباس ومن تبعه.
(فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ) أي: ارتكبن وفعلن الفاحشة، والمراد بها هنا الزنا، لأنه مما يستفحش شرعاً وعرفاً عند المسلمين، والقرينة الدالة على أن المراد بالفاحشة هنا الزنا قوله تعالى (فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ).
(فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ) أي: فعيهن نصف ما على الحرائر الأبكار من العذاب وهو الحلد حداً وهو مائة جلدة لقوله تعالى (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ).