وقد أجمع أهل التأويل على أن الملائكة يدخلون الجنة على أهل الجنة ويخرجون منها، وقد كان مفاتيحها بيد إبليس ثم انتزعت منه بعد المعصية، وقد دخلها النبيّ -صلى الله عليه وسلم- ليلة الإسراء ثم خرج منها وأخبر بما فيها وأنها جنة الخلد حقاً. (تفسير القرطبي).
(وَكُلا مِنْهَا رَغَداً) أي هنيئاً واسعاً طيباً.
(حَيْثُ شِئْتُمَا) أي: من أيّ مكان من الجنة أردتما وفي أي زمان.
(وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ) أي فلا تأكلا منها كما قال تعالى (فدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ).
• قال في التسهيل (وَلَا تَقْرَبَا) النهيُ عن القرب يقتضي النهي عن الأكل بطريق الأولى، وإنما نهى عن القرب سدّاً للذريعة، فهذا أصل في سدّ الذرائع.
• قال القاسمي: قوله تعالى (وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ) أي: هذه الحاضرة من الشجر، أي: لا تأكلا منها، وإنما علق النهي بالقربان منها، مبالغة في تحريم الأكل، ووجوب الاجتناب عنه، لأن القرب من الشيء مقتضى الألفة. والألفة: داعية للمحبة، ومحبة الشيء تعمي وتصمّ. فلا يرى قبيحاً، ولا يسمع نهياً، فيقع. والسبب الداعي إلى الشر منهيّ عنه، كما أن السبب الموصل إلى الخير مأمور به. وعلى ذلك قوله -صلى الله عليه وسلم- (العينان تزنيان) لما كان النظر داعياً إلى الألفة، والألفة إلى المحبة، وذلك مفضٍ لارتكابه، فصار النظر مبدأ الزنا. وعلى هذا قوله تعالى (وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى)، (وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ).
• قوله تعالى (وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ) اختلف العلماء بالمراد بهذه الشجرة:
فقيل: هي شجرة الكرم.
وقيل: السنبلة.
وقيل: شجرة التين، وقيل: غير ذلك.
والراجح ما رجحه ابن جرير من عدم تعيين ذلك حيث قال: والصواب في ذلك أن يقال: إن الله جل ثناؤه نهى آدم وزوجته عن أكل شجرة بعينها من أشجار الجنة دون سائر أشجارها، فأكلا منها، ولا علم عندنا بأي شجرة كانت على التعيين، لأن الله لم يضع لعباده دليلاً على ذلك في القرآن ولا في السنة الصحيحة.