• قوله تعالى (نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ) فبه أن اجتناب الكبائر مكفرة للصغائر.
فمن اتقى الكبائر والموبقات، غفر الله له ما بين ذلك من اللمم.
قال الله تعالى: (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا).
وقال سبحانه (الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ).
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: قَالَ الْخَطَّابِيُّ: الْمُرَاد بِاللَّمَمِ مَا ذَكَرَهُ اللَّه فِي قَوْله تَعَالَى: (الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ) وَهُوَ الْمَعْفُوُّ عَنْهُ. وَقَالَ فِي الْآيَة الْأُخْرَى: (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ) فَيُؤْخَذ مِنْ الْآيَتَيْنِ أَنَّ اللَّمَم مِنْ الصَّغَائِر وَأَنَّهُ يُكَفَّر بِاجْتِنَابِ الْكَبَائِر.
وذكر النووي رحمه الله كلام الخطابي ثم قال: هَذَا هُوَ الصَّحِيح فِي تَفْسِير اللَّمَم، وَقِيلَ: أَنْ يُلِمّ بِالشَّيْءِ وَلا يَفْعَلهُ، وَقِيلَ: الْمَيْل إِلَى الذَّنْب. وَلا يُصِرّ عَلَيْهِ، وَقِيلَ غَيْر ذَلِكَ مِمَّا لَيْسَ بِظَاهِرٍ. وَأَصْل اللَّمَم وَالإِلْمَام الْمَيْل إِلَى الشَّيْء وَطَلَبَهُ مِنْ غَيْر مُدَاوَمَة.
قال في تحفة الأحوذي: اخْتَلَفَت أَقْوَالُ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي تَفْسِيرِ اللَّمَمِ، فَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ صَغَائِرُ الذُّنُوبِ … وَهو الظَّاهِرُ الرَّاجِحُ.
وقال القرطبي رحمه الله: (إلا اللمم) وهي الصغائر التي لا يسلم من الوقوع فيها إلا من عصمه الله وحفظه.
• اختلف في تحديد الكبيرة على أقوال.
فقيل: الكبيرة كل ما نص على أنها من الكبائر.
كقوله في أكل أموال اليتامى (إِنَّهُ كَانَ حُوباً كَبِيراً) وقوله -صلى الله عليه وسلم- (ألا أنبئكم بأكبر الكبائر: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين .. ) واختاره الطبري.
وقيل: الكبيرة: ما ترتب عليه عقوبة خاصة دينية أو دنيوية أو أخروية، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
فالعقوبة الدينية كقوله -صلى الله عليه وسلم- (ليس منا من لطم الخدود .. ) وقوله (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه).