كان الإمام أحمد يقول في دعائه: اللهم كما صنت وجهي عن السجود لغيرك فصنه عن المسألة لغيرك.
ولهذا كان عقوبة من أكثر المسألة بغير حاجة أن يأتي يوم القيامة وليس على وجهه مزعة لحم كما ثبت في الصحيحين، لأنه أذهب عز وجهه وصيانته وماءه في الدنيا، فأذهب الله من وجهه في الآخرة جماله وبهاءه الحسي، فيصير عظماً بغير لحم، ويذهب جماله وبهاؤه المعنوي، فلا يبقى له عند الله وجاهة.
ومنها: أن في سؤال الله عبودية عظيمة، لأنها إظهار للافتقار إليه، واعتراف بقدرته على قضاء الحوائج، وفي سؤال المخلوق ظلم، لأن المخلوق عاجز عن جلب النفع لنفسه ودفع الضر عنها، فكيف يقدر على ذلك لغيره.
قال بعض السلف: إني لأستحي من الله أن أسأله الدنيا وهو يملكها فكيف أسألها ممن لا يملكها؟ يعني المخلوق.
ومنها: أن الله يحب أن يُسأل، ويغضب على من لا يسأل، فإنه سبحانه يريد من عباده أن يرغبوا إليه ويسألوه ويدعوه ويفتقروا إليه، ويحب الملحين في الدعاء، والمخلوق غالباً يكره أن يُسأل لفقره وعجزه.
قال أبو العتاهية:
الله يغضب إن تركتَ سؤاله … وبُنيّ آدم حين يسأل يغضب
فاجعل سؤالك للإله فإنما … في فضل نعمة ربنا نتقلب
قال وهب بن منبه لرجل كان يأتي الملوك: ويحك، تأتي من يُغلقُ عنك بابَه، ويُظهر لك فقره، ويواري عنك غناه، وتدع من يفتح لك بابه بنصف الليل ونصف النهار، ويظهر لك غناه ويقول: ادعني أستجب لك.
• قال ابن تيمية: سؤال المخلوقين فيه ثلاث مفاسد:
الأولى: مفسدة الافتقار إلى غير الله وهي نوع من الشرك.
والثانية: مفسدة إيذاء المسؤول وهي نوع من ظلم الخلق.
والثالثة: فيه ذل لغير الله وهو ظلم للنفس، فهو مشتمل على أنواع الظلم الثلاثة.