(لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ) أي: كل له جزاء على عمله بحسبه، إن خيراً فخير، وإن شراً فشر.
وقيل: لكل من الرجال والنساء حظ ونصيب مما قسمه الله من الميراث، ولكل منهم حظ مما قدره الله وخصه به من الأعمال، فللرجال الجهاد والجمع والجماعات والولاية ونحو ذلك، وللنساء حفظ البيوت وتربية الأولاد وطاعة الزوج وخدمته، ولكل منهم حظ من جزاء وثمرة سعيه وما قدم من عمل ديني أو دنيوي.
• قال ابن عاشور: قوله تعالى (لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ … ) وهذه الجملة مسوقة مساق التعليل للنهي عن التمنّي قطعاً لعذر المُتمَنّين، وتأنيساً بالنهي.
(وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ) أي: لا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض، وعليكم السعي والاكتساب، واسألوا الله يعطكم
من فضله ما فيه صلاح أمركم ودنياكم.
• ففيه الأمر بسؤال الله تعالى والنهي عن سؤال الخلق.
كما قال تعالى (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) وقال تعالى (قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ).
وقال -صلى الله عليه وسلم- (سلوا الله من فضله، فإن الله يحب أن يسأل).
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ (كُنْت خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَوْمًا، فَقَالَ: يَا غُلَامِ! إنِّي أُعَلِّمُك كَلِمَاتٍ: احْفَظْ اللَّهَ يَحْفَظْك، احْفَظْ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَك، إذَا سَأَلْت فَاسْأَلْ اللَّهَ … ) رواه الترمذي.
وفي الترمذي عن أبي هريرة. قال: قال -صلى الله عليه وسلم- (من لم يسأل الله يغضب عليه).
واستحق الغضب لأمرين:
الأول: لأنه ترك محبوباً لله، فإن الله يحب أن يسأل، ذكر ذلك المناوي.
والثاني: لأن ترْك الدعاء دليل على الاستغناء عن الله، ذكر ذلك المباركفوي.
وفي النهي عن سؤال المخلوق أحاديث كثيرة أيضاً، وقد بايع النبي -صلى الله عليه وسلم- جماعة من أصحابه على أن لا يسألوا الناس شيئاً منهم: أبو بكر، وأبو ذر، وثوبان، وكان أحدهم يسقط سوطه أو خطام ناقته فلا يسأل أحداً أن يناوله.
• واعلم أن سؤال الله تعالى دون خلقه هو المتعين عقلاً وشرعاً وذلك من وجوه متعددة:
منها: أن السؤال فيه بذل لماء الوجه وذلة للسائل، وذلك لا يصلح إلا لله وحده، وهذا هو حقيقة العبادة الني يختص بها الإله الحق.