للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأيضاً، فإنه سبحانه لما كان يحب الصابرين، ويحب المحسنين، ويحب الذين يقاتلون في سبيله صفاً، ويحب التوابين، ويحب المتطهرين، ويحب الشاكرين، وكانت محبته أعلى أنواع الكرامات، اقتضت حكمته أن أسكن آدم وبنيه داراً يأتون فيها بهذه الصفات التي ينالون بها أعلى الكرامات من محبته، فكان إنزالهم إلى الأرض من أعظم النعم عليهم.

وأيضاً، فإنه سبحانه جعل عبوديته أفضل درجاتهم - وذكر نبيه باسم العبودية في أعلى الدرجات - اقتضت حكمته أن أسكن آدم وذريته داراً ينالون فيها هذه الدرجة بكمال طاعتهم لله، وتقربهم إليه بمحابه، وترك مألوفاتهم من أجله.

وأيضاً: فإنه سبحانه إنما خلق الخلق لعبادته، ومعلوم أن كمال العبودية المطلوب من الخلق لا يحصل بدار النعيم والبقاء، إنما يحصل في دار المحنة والابتلاء، وأما دار البقاء فدار لذة ونعيم، لا دار ابتلاء وامتحان وتكليف. [مفتاح دار السعادة].

(وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ) أي لكم في الأرض موضع استقرار بالإقامة فيها.

• قال الرازي: الأكثرون حملوا قوله تعالى (وَلَكُمْ فِي الأرض مُسْتَقَرٌّ) على المكان، والمعنى أنها مستقركم حالتي الحياة والموت.

(وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ) أي تمتع بنعيمها إلى وقت انقضاء آجالكم وهو الموت، وهذا قول من يقول المستقر هو المقام في الدنيا.

وقيل: إلى قيام الساعة، وهذا قول من يقول: المستقر هو في القبور.

• فإن الله كتب الموت على كل نفس:

قال تعالى (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ) وقال تعالى (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ) وقال تعالى (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ) وقال تعالى (أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ) وقال تعالى (كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ. وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرَامِ).

<<  <  ج: ص:  >  >>